للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحمد رحمه الله أعلم مِن غيره بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان رحمهم الله، ولهذا لا يَكاد يوجد له قول يُخالِف نصًّا كما يوجد لغيره، ولا يوجد قول ضعيف في الغالب إلا وفي مذهبه ما يوافق القول القوي، وأكثر مفاريده التي لم يَختلِف فيها مذهبه يكون قوله فيها راجحًا) انتهى كلامه رحمه الله (١).

وهو موافق لما ذكره صاحب «الإفصاح»، من أن القاضي عليه أن يتوخَّى إصابة الحق، فيتوخَّى مواطن الاتفاق، فيعمل بما اتفقوا (٢) عليه، فإن لم يكن الحكم متفقًا؛ نظر فيما عليه الجمهور إذا لم يكن مع مخالفهم دليل، فليس الناظر في كتب الخلاف ومعرفة الأدلة بخارج عن التقليد، وليس في كلام صاحب «الإفصاح» ما يقتضي لزوم (٣) التمذهب بمذهب لا يخرج عنه، بل كلامه صريح في ضد ذلك.

[شبهة: صعوبة الاجتهاد ووجوب التزام المذهب]

وهذه شبهة (٤):

ألقاها الشيطان على كثير ممن يدَّعي العلم،


(١) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٠/ ٢٢٧.
(٢) في (أ): اتُّفق.
(٣) قوله: (لزوم) سقط من (ب).
(٤) يُعلم فساد هذه الشبهة مما تقدم وما سيأتي بيانه، وهي شبهة مبنية من مقدمات ثلاث:
المقدمة الأولى: أن الناس قسمان: مجتهد ومقلد. وتقدم الجواب عنها ص … هامش …

المقدمة الثانية: أن المقلد فرضه التقليد في جميع المسائل. وتقدم الجواب عنها أيضًا ص … هامش … ، وتقدم بيان الحالات التي يجوز فيها التقليد.
المقدمة الثالثة: أن الاجتهاد أمر صعب المنال، وأنه قد انطوى بساطه منذ زمن. وتقدم الجواب عنها ص … هامش … وسيأتي مزيد إيضاح في كلام المؤلف رحمه الله.
نتيجة هذه المقدمات الثلاث: الركون إلى التقليد، قالوا: ولما كان الانتقال من قول إلى قول ذريعة إلى تتبع الرخص والعمل التشهي؛ أوجبوا التزام المذهب وحرموا الخروج عنه.
فأجاب المؤلف رحمه الله عن هذه الشبهة، وبيَّن المؤلف حال من استحوذت عليه هذه الشبهة مع النصوص، وهم على درجات، فليفتش المرء في نفسه إن كان معظمًا لمذهبه، فقلَّ أن يسلم من ذلك معظم لمذهب، وتعاهد السنة في قلبك فكم من إنسان سُلب تعظيمها وحسن متابعتها، هدانا الله إلى سواء السبيل.

<<  <   >  >>