وأما من انتسب لمذهب أحمد الانتساب الجائز، بمعنى أنه يوافقه في طريقته في الاستدلال غالبًا، ولو خالفه في كثير من الفروع؛ كان انتسابه إلى الإمام أحمد بهذا الاعتبار أقرب إلى المعقول من انتساب الأول المزعوم، فأي الفريقين أحق بأحمد حينئذ؟!
وليس الانتساب إلى الإمام أحمد أو إلى غيره من الأئمة بقضية هامَّة عند صاحب الحق، ولكن القوم يتمدحون بانتسابهم لأحمد واعتزائهم لمذهبه، ويقدحون بطريقة أهل الحق القائمة على تعظيم النصوص والنظر فيها من أهلها، ويزعمون أنها طريقة مخالفة لطريقة أحمد وأصحابه، ومرادهم الانتقاص والتنفير غالبًا، حتى ذكر بعضهم أن إمام الدعوة ابتدع مذهبًا خامسًا. فإذا كنتم تعيبون على من خالف مذهب المتأخرين اتباعًا للدليل، فها أنتم تخالفون الدليل تارة، ونصوص أحمد تارة أخرى التزامًا بما في الإقناع والمنتهى، فصح مشاكلةً أن يقول قائل في طريقتكم: (حجَّاويَّة لا حنبلية، ونجَّارية لا نبويَّة).