للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخير في تقليدِ أحد مُسْتَوِيَيْنِ عند أكثر أصحابنا.

قال في «الرعاية»: ولا يكفيه من لم (١) تَسْكُن نفسُه إليه، بل لا بد من سكون النفس والطمأنينة به.

ويحرم عليه تتبُّع الرُّخص ويَفْسُق به.

[إذا اختلف عند المقلِّد مجتهدان]

وإن اختلف مجتهدان بأن أفتاه أحدهما بحكم والآخر بخلافه؛ تَخيَّر في الأخذ بأيهما شاء على الصحيح، اختاره القاضي والمجد وأبو الخطاب، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد (٢).

وقيل: يأخذ بقول الأفضل منهما علمًا ودينًا، فإن استويا؛ تخيَّر (٣)، وهذا اختيار الموفق في الروضة (٤).


(١) سقطت من (أ).
(٢) وهذا مقيَّد بما لم يؤد إلى تتبع الرخص، كما أفاده الشيخ زكريا الأنصاري في غاية الوصول (ص ١٦١).

قال الشاطبي عن القول بالتخيير: (وأما إن كان عاميًّا؛ فهو قد استند في فتواه إلى شهوته وهواه، واتباع الهوى عين مخالفة الشرع) ثم قال: (وعامة الأقوال الجارية في مسائل الفقه إنما تدور بين النفي والإثبات، والهوى لا يعدوهما، فإذا عرض العامي نازلته على المفتي؛ فهو قائل له: "أخرجني عن هواي ودُلَّني على اتباع الحق"؛ فلا يمكن والحال هذه أن يقول له: "في مسألتك قولان؛ فاختر لشهوتك أيهما شئت "، فإن معنى هذا تحكيم الهوى دون الشرع، ولا ينجيه من هذا أن يقول: ما فعلت إلا بقول عالم؛ لأنه حيلة من جملة الحيل التي تنصبها النفس وقايةً عن القال والقيل، وشبكة لنيل الأغراض الدنيوية، وتسليطُ المفتي العاميَّ على تحكيم الهوى بعد أن طلب منه إخراجه عن هواه رميٌ في عماية، وجهل بالشريعة، وغش في النصيحة) ينظر: الموافقات ٥/ ٧٩.
(٣) قوله: (فإن استويا؛ تخير) سقط من المطبوع.
(٤) واختار ابن القيم: أنه يجب عليه أن يتحرَّى ويبحث عن الراجح بحسبه، فيعمل كما يعمل عند اختلاف الطريقين أو الطبيبين أو المشيرين. وذكر في المسألة سبعة مذاهب.
وتنظر المسألة في: المسودة ص ٤٦٢، إعلام الموقعين ٦/ ٢٠٥، المعتمد ٢/ ٣٦٤، قواطع الأدلة ٢/ ٣٦٥، التحبير ٨/ ٤٠٩٨.

<<  <   >  >>