للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما القادر على الاستدلال؛ فقيل: يحرم عليه التقليد مطلقًا. وقيل: يجوز مطلقًا. وقيل: يجوز عند الحاجة، كما إذا ضاق الوقت عن الاستدلال، وهذا القول أعدل الأقوال (١).


(١) تقدم الخلاف في حكم التقليد للقادر على الاستدلال، وتقدم بيان بعض الحالات التي يعذر فيها بالتقليد.
فمراده والله أعلم: بيان الفرق بين العاميِّ والقادر على الاستدلال، وهذا جوابٌ على اعتراض مقدَّر، وهو: أن غير المجتهد المطلق عاميٌّ وإن جلَّت مراتبهم، نص على ذلك ابن حجر الهيتمي وغيره. ينظر: الفتاوى الفقهية الكبرى ٢/ ٢٥٠، البحر المحيط ٨/ ٣٣٣.
وجوابه:
١ - … أنه قد اعترض على ذلك جماعة من الأصوليين كالزركشي في البحر المحيط، بل نص الأصوليون على إثبات درجة بين المجتهد والعامي، وهو الفقيه الذي لم يبلغ مرتبة الاجتهاد، نص على ذلك الرازي والآمدي والقرافي والذهبي والزركشي وآخرون، وجميع من قال بإثبات درجة الاتباع؛ كابن عبد البر وشيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم، بل إن جماهير العلماء على إثبات الدرجة المتوسطة بين المجتهد والعامي، وأن له أحكام تخصه.
٢ - … أن الحديث المذكور دل على التفريق بين الفقيه وهو من يعرف الأحكام بالأدلة، وبين العامي الذي لا يعرف الأدلة.
٣ - … أن الفرق بين القادر على الاستدلال والعامي أمر معروف بالعقل والعادة، ويدل عليه الوجدان.

ثم إن تحديد من هو المجتهد أمر عَسِر إن لم يكن متعذرًا، وإن كانت شروطه معروفة عند الأصوليين، قال الرازي في المحصول (٦/ ٢٥): (واعلم أن الإنسان كلما كان أكمل في هذه العلوم التي لا بد منها في الاجتهاد كان منصبه في الاجتهاد أعلى وأتم وضبط القدر الذي لا بد منه على التعيين كالأمر المتعذر)، فتعليق النظر والاستدلال بالمجتهد دون غيره هو إغلاق لباب الاجتهاد.

<<  <   >  >>