أعلمنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنَّه وحده الذي رفع السموات بغير عمدٍ، والسموات كما أخبرنا - سبحانه - في غير موضع في كتابه سبعٌ بعضها فوق بعض، وقد أخبرنا ربُّنا في هذه الآية أنه {رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} أي: رفعها بغير عمدٍ، أي بغير أساطين نراها، وقيل: رفعها بأعمدة لا نراها.
والسماء الدنيا محيطةٌ بالأرض من جميع جهاتها، والسماء الثانية محيطة بالسماء الأولى، {ثُمَّ اسْتَوَي عَلَى العَرْشِ}[الرعد: ٢] أي: استوى - سبحانه - على عرشه استواءً يليق بجلاله وعظمته، ومعنى استوي علا واستقرَّ وارتفع، ومعنى الاستواء معلومٌ، ولكن كيفية الاستواء مجهولةٌ.
وقوله:{وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجلَّ مُّسَمًّى}[الرعد: ٢] أي: ذلَّل سبحانه الشمس والقمر، وجعلهما يجريان إلى قيام الساعة، والشمس والقمر أظهر الكواكب السيارة، وإذا جاء يوم القيامة، فإن الشمس تكوُّر ويذهب ضوؤها، والقمر يخسف ويزول، وقوله:{يُدَبِّرُ الأَمْر} يدبر أمور الآخرة والدنيا وحده سبحانه، بغير شريك، ولا ظهير، ولا معين، وقوله:{يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}[الرعد: ٢] أي: يبين الآيات الدالة على وحدانية الله وقدرة الله، لعلكم توقنون بلقاء ربكم إذا فصَّل لكم الآيات.
وكما أعلمنا ربُّنا عزَّ وجلَّ بما سبق بيانه في السموات والأرض والشمس والقمر أعلمنا سبحانه بأنه {وهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وأَنْهَارًا}[الرعد: ٣] أخبرنا سبحانه أنَّه مدَّ الأرض، أي: جعلها متسعةً ممتدةً في الطول