] النحل: ٦٦] «فهذا اللبن الذي تدرُّه ضروع الأنعام مم هو؟ إنه مستخلصٌ من بين فرثٍ ودمٍ, والفرث ما يتبقى في الكرش بعد الهضم, وامتصاص الأمعاء للعصارة التي تتحول إلى دم, هذا الدم الذي يذهب إلى كل خلية في الجسم, فإذا صار إلى غدد اللبن في الضرع تحول إلى لبن ببديع صنع الله العجيب, الذي لا يدري أحد كيف يكون.
وعملية تحول الخلاصات الغذائية في الجسم إلى دمٍ, وتغذية كلُّ خليةٍ بالمواد التي تحتاج إليها من مواد هذا الدم, عمليةٌ عجيبة فائقة العجب, وهي تتم في الجسم في كلِّ ثانيةٍ, كما تتم عمليات الاحتراق, وفي كلِّ لحظة تتمُّ في هذا الجهاز الغريب عمليات هدمٍ وبناءٍ مستمرة, لا تكف حتى تفارق الروح الجسد. . . , ولا يملك إنسان سويُّ الشعور أن يقف أمام هذه العمليات العجيبة لا تهتف كلُّ ذرَّةٍ فيه بتسبيح الخالق المبدع لهذا الجهاز الإنساني, الذي لا يقاس إليه أعقد جهازٍ من صنع البشر, ولا إلى خلية واحدة من خلاياه التي لا تحصى.
ووراء الوصف العام لعمليات الامتصاص والتحول والاحتراق تفصيلات تدير العقل, وعمل الخلية الواحدة في الجسم في هذه العملية عجبٌ لا ينقضي التأمل فيه.
وقد بقي هذا كله سراً إلى عهد قريب, وهذه الحقيقة العلمية التي يذكرها القرآن هنا عن خروج اللبن من فرثٍ ودمٍ لم تكن معروفة لبشر, وما كان بشر في ذلك العهد ليتصورها فضلاً على أن يقررها بهذه الدقة العلمية