الكاملة , وما يملك إنسانٌ يحترم عقله أن يماري في هذا أو يجادل , ووجود حقيقةٍ واحدةٍ من نوع هذه الحقيقة يكفي وحده لإثبات الوحي من الله بهذا القرآن , فالبشرية كلها كانت تجهل يومذاك هذه الحقيقة.
والقرآن - يعبر هذه الحقائق العلمية البحتة - يحمل أدلة الوحي من الله في خصائصه الأخرى لمن يدرك هذه الخصائص ويقدرها؛ ولكن ورود حقيقة واحدة على هذا النحو الدقيق يفحم المجادلين المتعنتين» [في ظلال القرآن ٤/ ٢١٨٠].
٣ - أخرج الله لنا من ثمرات النخيل والأعناب سكراً ورزقاً حسناً:
ومن آيات الله تبارك وتعالى الدالة على بديع صنعه, وعجيب أمره ما أخرجه لنا من ثمرات النخيل والأعناب نتخذ منه سكراً ورزقاً حسناً {وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[النحل: ٦٧]. فثمار النخيل يصنع منها المسكرات , وكانت الخمر في أوَّل الإسلام. . . حلالاً , ثم حُرِّمت , وقوله:{وَرِزْقًا حَسَنًا} فيها إشارةٌ إلى أنَّ الخمر غير داخلةٍ في الرزق الحسن , والرزق الحسن هو في تناول ثمار النخيل , وصنع ألوان الطعام من تلك الثمار , فمن ذلك صناعة التمر والزبيب واستخراج الدبس منهما, وأنواع العصير , وقوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} إنَّ فيما أخرجه ربُّنا - تبارك وتعالى - من ثمرات النخيل والأعناب آياتٌ, وليس بآيةٍ واحدةٍ تدلُّ على بديع صنع الله, والذي يفقه هذه الآيات هم الذين يعقلون عن الله كلامه, ويحسنون النظر إلى ما خلق من آياته.