ومدحض البدعة، ذو الكرامات والاستقامات سيف الله على ذوي البدع، ممن عظمت بركة الله على خلقه، معدن الصدق والعلم، وزناد الفهم، وكيمياء السعادة، وكنز الإفادة، شيخنا أبو عبد الله الطالب محمد (٣) بن الشيخ العابد أبي بكر الصديق ابن الشيخ الصالح الزاهد محمد بن الولي التقي النقي الطالب علي بنّان رحمهم الله تعالى. وكان رحمه الله تعالى كثير الورع جدا، وله خصائل وتواليف عديدة، جعل على صغرى السنوسي شراحا الثاني والرابع (كذا) قبل وفاته ومنعه القدر وإنا لله وإنا إليه راجعون. وله شرح على أسماء الله تعالى الحسنى، وله شرح على السلّم، ونسب الشرفاء ذرية مولاي الشريف، وتأليف في تراجم علماء التكرور، وتأليف في علم السر، وتأليف في علم التاريخ. وله أنظام كثيرة، منها نظمه في ندب السواك. وفوائده أيضا وتصانيفه كثيرة، لا يعرفها إلا من أحاط بكتبه، لأنه ممن دفن وجوده في أرض الخمول.
أخذ التوحيد عن الشيخ العارف بالله الطالب أحمد بن عمر بن الوافي المحضري، والرسالة عن شيخ أشياخنا الطالب الأمين بن الطالب الحبيب الحرشي، وخليل عن الفقيه السيد الحسن بن الطالب أحمد بن علي دكان البرتلي، وألفية ابن مالك عن الإمام عمر مم المحجوبي. ولا أدري الأفضل مع أن كلا منهما (إمام) مسجد ودخلة أمن (كذا) وأخذ غير هذه التواليف عن غير هؤلاء الأفاضل، مع أنه لا يرد لوحا رحمه الله تعالى.
وكان معتكفا على الطاعة في حركاته وسكناته. وكان أبغض الخلق إليه من يشغله، ومن ذلك دخل عليه بعض تلاميذه يوما فوجده مشتغلا في غير الصلاة، فقال يا شيخنا قد أتى الخبر اليوم عن قبيلتين من المغافرة اقتتلا فغلبت إحداهما الأخرى، وكانت المغلوبة أضر لنا من الغالبة. فقال الشيخ يا ليت كلاهما قتلت من الأخرى مائتين. فقال له يا شيخي: ألم تعلم أن الفلانية أضر لنا، فقال الشيخ اصمت عني شغلتني. ومن ذلك
(٣) في بعض المخطوطات أقحمت كلمة «ابن» بين الطالب ومحمد.