للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مولاي عبد الله الركاني، الذي من زاره قضي الله أوطاره، بن مولاي علي بن مولاي الزين بن سيدي حم بن الحاج الحسني الركاني رحمهم الله تعالى.

كان رحمه الله تعالى مشهور الولاية، معظما عند الخاصة والعامة، بلغ رتبة لم يزاحم عليها، عظم صيته في البلاد واشتهر فضله فيها، وسار (٢١) في الأقاليم ذكره. وبالجملة فهو في الصلاح والولاية فوق ما يذكر، وتحليته في التحقيق أعلى مما يشتهر. [ذاكد واجتهاد، ولزوم أذكار وأدعية وأوراد، فكان يشتغل بأوراده من صلاة الصبح إلى الضحى، ويقوم الليل إلاّ قليلا منه، ولا ينام فيه إلا قليلا قاعدا ونحو ذلك] (٢٢).

مكث اثنى عشر عاما لا ينام ليلا ولا نهارا، جعل سلسلة في خشب سقف البيت في رقبته إذا أراد أن يصلي يمكن معها السجود والجلوس، ولا يمكن معها الاضطجاع، فإذا مال للاضطجاع جذبته. عمله لآخرته كأنه يموت غذا، ملازما لتلاوة القرآن، يقرأ في مسجده بعد صلاة الصبح وبعد صلاة المغرب كل يوم وليلة، وتقرأ سورة الكهف فيه بعد صلاة الجمعة، ويرغب في صوم الإثنين والخميس، حسن الصوت بالقرآن، لقد أوتي من مزامير آل داوود. وقد كان يقرأ القرآن يوما حتى طلعت عليه هرة فقبلته في فيه، مارئي ولا سمع في عصره بمثله. [في حسن الصوت بالقرآن.

وكان ينظر القرآن في كفه، فإذا أراد أن يستدل بآية استدل بها بديهة من غير تأمل، والحكم العطائية أو أحزاب الأولياء ينظرها من بين يديه من غير تأمل ولا تراخ كأنه ينظرها بين يديه. كان رحمه الله تعالى ونفعنا به كثير البكاء قريب الدمعة رقيق القلب، جل حديثه مع الناس في الوعظ وقصص الصالحين، ولا يتكلم بكلمة أو كلمة (كذا) من أخبار الدنيا إلاّ خرج منها إلى أخبار الآخرة بسرعة، لا يملّ جليسه منه ولو جلس معه دهره كله،


(٢١) في أوج «وصار» وهو تحريف.
(٢٢) ما بين معقوفتين ساقط من أ.

<<  <   >  >>