للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول جليسه إنه لو مكث معه مدة عمره لأتاه كل حين بحكاية من حكايات الصالحين وقصصهم وأخبارهم. وكان رحمه الله يتكلم على الخواطر، فإذا خطر في قلب جليسه شيء حدثه بما يناسب ما خطر في قلبه في ذلك الوقت. فلقد أتاه بعض فقرائه يوما وعنده مادح يمدحه وهو يسمع فقال له: كان من الرجال ويبلغ (كذا) مكانا يستوي عنده المدح والذم. له خلوة يدخلها ينقطع فيها إلى الله تعالى ملازم لها ليلا ونهارا، وكان إذا دخلها لا يأتيه فيها أحد حتى يخرج إلى الناس إلا بعض خواصه من الناس كأولاده ونحوهم من أحبابه.

وقد أرادت زوجة من زوجاته أن يكون بياته عندها في دارها، فقال لها: ذلك لم يكن مني في شبابي فضلا عن آخر عمري، وكان ذلك سبب فراقه لها والله أعلم.

وكان يحذر من الناس ويداريهم ما أمكن لكونه لا يرى لنفسه حظا، مع أن الناس يهابونه ويعظمونه ويخافون منه خوفا شديدا، لما شاهدوا من دعوته وسرعة نفاذها، ليس من رأى كمن لم ير، وسواء في ذلك القريب والبعيد، حتى إخوته وأولاده يخافون منه أشد الخوف. والمراد بدعوته تغير خاطره، لأنه (كذا) يدعو على الناس بلسانه، فدعوته مجربة، وهي مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب. أخرجه البخاري في كتاب الرقاق. القسطلاني: أي أعمل به ما يعمل للعدو المحارب.

وفيه تهديد شديد، لأنه لأن (كذا) من حاربه أهلكه انتهى. اتق الله تر عجبا.

ومن يخاف الله خوفا مؤلما ... أخاف منه كلّ شيء فاعلما

ومن كرامته رحمه الله تعالى تسخير الله الخلق له، فترى الناس يخدمونه ويخدمون زاويته من مسافة أربعين يوما، يهدون له الأموال العظام، فيجعلها في الزاوية وينفقها في سبيل الله تعالى، وكذلك ماله

<<  <   >  >>