الحجج تنزل على طرفي لسانه. ولا يمنع شيئا إلا كان موفقا فيه فقال لي يوما إذا أحب الله تعالى العبد أحل له الحرام فتعجبت وقلت في نفسي:
الحرام لا يحل أبدا، فأظهر الله تعالى ما قال لي في ذلك اليوم. وذلك أن أحد التوارق كان خفيرا لرفقة أتى بشاتين مغصوبتين إلى الرفقة وعرقبهما، فما لبثا أن جاء مسلم من الزوايا يطلب جلودهما وهما له، فقلت له:
نحن ما أمرنا اللص بأخذ الشاتين وقد صارتا لحما، فإن سمحت لنا في أكلها أكلنا، وإلا فلا، فقال إني أختارهما في إخواني عن اللصوص، وهما لا بد أن تأكلوهما أو يأكلهما اللص. ثم أخرج أحد منا جفنة من طبغ من ساندك وأعطاها له وقال له: هذا إنما أعطيته لك في السماح، فقال بالله الذي لا إله إلا هو إني لأختار هذه طبغ عنهما حيتين، فأحرى ميتتين. فهذا هو الحرام شاهدته حراما ثم شاهدته حلالا.
ومنها كونه رحمه الله تعالى مقصودا في حياته في الأزمات، وحاله في ذلك من أعظم الآيات، مجمعا على أمره في ذلك حتى صار الناس يبعثون له بالهدايا من الأمكنة البعيدة لنيل حوائجهم، فيجدون ثمرة ذلك كرامة مشهورة. ولقد قصدته بسبعين حاجة بين الدنيا والآخرة، قضي الله تعالى لي ما كان في الدنيا، وأرجو من كرمه تعالى أن يقضي لي باقيها كما قضى لي أولها. وجربت بركاته مرارا، وهو الذي أوصل ورد الشيخ مولاي عبد المالك لنا ولأهل بلادنا فجزاه الله تعالى بأحسن الجزاء.
قدم بلاد التكرور أربع مرات، وفي إحدى المرات طلعت مع أخ لي في الله على جبل يوم ثاني قدومه، ونمنا على صخرة، فلما استيقظنا قال لي إنه ورد علي وارد في منامي هذا، ورد علي قوله تعالى {سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ،} فقلت له هذا إشارة إلى أن هذا السيد الذي قدم علينا تظهر عليه خوارق العادات والكرامات حتى يتبين للناس مقامه في الولاية، فكان ذلك والله أعلم. ورأى شيخنا الإمام عمر مم بن محمد بن أبي بكر الولاتي رحمه الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم في دار