ومنها نزول الرفقة في الوقت الذي أحب النزول فيه من غير أن يأمرهم به كما شاهد من سافر معه، وكان يقول لا منة لأحد علينا، فمن أعطى شيئا إنما يريد أكثر منه.
ومنها كونه - رحمه الله تعالى - سيفا صارما من سيوف الله، لا يتعرض له برّ ولا فاجر إلاّ قطعه. ولذلك خاف الناس كلهم منه، فرهبوت خير من رحموت: أن ترهب خير من أن ترحم. وأخباره في ذلك مشهورة كخبره مع بني ادليم لما تعرضوا له في طريق تودن وأخذوا سيفه فاقتتلوا بينهم، وأغير على القوم الذين عندهم السيف وكان كل من كان السيف عنده يقتل به حتى تركوه معلقا في شجرة، وكخبره مع الرجل الذي سلبه لما أطلق لسانه بالكلام فيه. ومن عجائب أمره في ذلك أن من عطب من أجله يصير يعلم فلا يصحب أحدا إلا عطب معه. وكخبره مع بعض فقراء الشيخ في المنام أتاه بهر أسود فقال أقتله وضرب برأسه الجدار حتى مات، فما لبث ذلك الفقير أن سافر وهلك في الطريق عطشا. وأخباره في ذلك كثيرة.
ومنها إذا وقع بصر أحد عليه اجتمع له فيه الحب والخوف. وكان الناس إذا سمعوا بقدومه يحصل لهم الخوف حتى يلقونه (كذا) فيزول.
وكنت إذا وقع بصري عليه حصل لي من الخشية ما لم أقدره ووجدت في نفسي محبة له وسرورا به. وما اجتمع الحب والخوف في قلبي لأحد من الأولياء إلا له، إنما كنت أحبّ الولي ولا أخافه. وكان رحمه الله تعالى مهابا معظما عند الخاصة والعامة، فترى الجبابرة واللصوص يخافون منه ومذلون له ويخضعون ويطيعونه فيما يريد ويسلمون منه.
ومنها استقامته مع الشريعة، فكان مسددا موفقا في القول والعمل، أعطي قدرة في الكلام فلا يناظره أحد إلا أفحمه في الجواب، حتى كأنّ