ثم قال رحمه الله تعالى:(ومن الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان)، قال العلامة النفراوي: إن الشيوخ اختلفوا في تفسير الفطرة: فمنهم من فسرها بالسنة القديمة التي اختارها الله لأنبيائه واتفقت عليها الشرائع حتى صارت كأنها أمر جبلي فطروا عليه. ومنهم من فسرها بالخصال التي يتكمل بها الإنسان بحيث يصير بها على أشرف الأوصاف كالختان. ومنهم من فسرها بالدين لقوله تعالى:{فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}[الروم: ٢٩] وربما يدل على هذا التفسير قوله عليه الصلاة والسلام: ((كل مولود يولد على الفطرة))، الحديث. وهذه الفطرة هي التي أمر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام بقوله:{وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن}[البقرة: ١٢٤] أي أداهن تامات ولم يفرط منها شيئًا. واختلف العلماء فيها أيضًا على خمسة أقوال كما اختلفوا في عددها. قال الحافظ السيوطي في تفسير الكلمات التي أتمها: هي الأوامر والنواهي التي كلفه بها، قيل: هي مناسك الحج، وقيل: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وفرق الرأس وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان والاستنجاء. وقال العلامة الصاوي: قوله بكلمات قيل: هن ثلاثون من شريعتنا: عشرة في براءة وهي التائبون العابدون إلى وبشر المؤمنين. وعشرة في الأحزاب وهي: إن المسلمين والمسلمات إلى قوله: {أعد الله لهم مغفرة}[الأحزاب: ٣٥] الآية. وتسعة في المؤمنون: من أولها إلى أولئك هم الوارثون. وواحدة في سأل وهي: والذين هم بشهاداتهم قائمون. وقيل: هي التكاليف بخدمة البيت، وقيل: ذبح ولده والرمي في النار وهجرته من الشام إلى مكة والنظر في الشمس والقمر والكواكب لإقامة
الحجة على قومه. وبضميمة ما ذكره المفسر تكون أقوالاً خمسة، ولا مانع من إرادة جميعها اهـ. قال ابن جزي في خصال