والدرر " يعني أنه ما آلى وما قصر في البيان في هذا الكتاب، بل اجتهد غاية الاجتهاد في استنباط المآرب، وغاص في بحار العلوم والشريعة، ونظر فيها بعين الحقيقة بالدقة والتحقيق والتدقيق، حتى استخرج منها الغوامض والفوائد والنفائس، والجزيلات من اللآلئ والجواهر واليواقيت والدرر الفاخرة الغالية، والديباج والحلل النفسية الثمينة.
والمعنى أنها عبارة عن المسائل الدينية والأركان الإسلامية والأحكام الشرعية، حيث إنه أودع في كتابه هذا جميع ما يحتاج إليه في الدين من المأمورات والمحظورات، وكيفية أداء العبادة، وبيان أحكام الصلاة من الفرائض والسنن والمرغوبات، وأحكام الطهارة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والأيمان، والنكاح، والبيوع، والقضايا في الدماء والحدود، والشهادات، وأحكام الميراث والعتق والولاء، والوصايا، وغير ذلك مما يتعلق بأحكام الشريعة الإسلامية مما لا غنى عنه.
وقد بين المصنف جميع ذلك تفصيلا وإجمالا بدون تفريط ولا إفراط، أودع جميع ذلك لنفع الأمة فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير جزاء.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وسميته إرشاد السالك -إلى أشرف المسالك " والمقصود بتسمية هذا الكتاب بالإرشاد تفاؤلا بهداية السائل ورشاده والله أعلم.
ومن المعقول طبعا وشرعا أن من سئل شيئا من أمر الدين يريد الهداية والإرشاد والفهم فيه. ومعنى السالك أي الداخل في طريق النجاة، ومن أوضحه وأشرفه وأعلاه منزلة فن الفقه؛ لأنه به يفقه أمر دينه ودنياه، ويميز به بين الحق والباطل والحرام من الحلال. قال تعالى:{فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ}[التوبة: ١٢٢] الآية.
وفي الحديث الصحيح عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " الحديث، وقال بعضهم: