للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكم طيب يفوح ولا كمسك ... وكم طير يطير ولا كبازي

ولا شك أنه كذلك. نسأل الله سبحانه أن يفقهنا في الدين آمين.

وقد نسب المصنف كتابه هذا إلى مذهب إمامنا بقوله: " على مذهب الإمام أبي عبد الله مالك " أخبر المصنف أنه وضع أساس بناء هذا الكتاب على قواعد مذهب إمام الأئمة، ومصباح السنة، إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس المتقدم ذكره في أول الخطبة. وقوله الإمام الأعظم هذا من حسن الوضع وحسن الثناء، ولم أر أحدا من أهل المذهب ولا غيره كنى الإمام بالأعظم سوى مصنفنا العلامة شهاب الدين عبد الرحمن بن محمد بن عسكر البغدادي رحمه الله آمين.

والمعروف بالإمام الأعظم أبو حنيفة بن ثابت التابعي صاحب المذهب، رضي الله عنه. وقوله على مذهب الإمام، يعني على ما ذهب إليه وأفتى به نفسه في حياته، وعمل به أصحابه بعد مماته كما تقدم في أول الخطبة.

وحاصل ما في المقام أن الإمام رحمه الله تعالى نشأ بين العلماء غلاما مهذبا عاقلا حافظا ضابطا، متقنا للسنة المطهرة برا تقيا، فتعلم منهم وجمع علومهم، وحفظ آراءهم، ونقل آثارهم، وعرف مذاهبهم وماركهم، وأحكم قواعدهم، وجمع بين الفقه والحديث حتى صار إماما في السنة، وسيد فقهاء الحجاز، وهو الذي قيل فيه تعظيما: " لا يفتي أحد ومالك في المدينة وأصبحت مثلا.

وكان رحمه الله فقيرا أول أمره، فحسنت حاله. وقد أخذ العلم عن نحو مائة شيخ انتقاهم وارتضاهم، فما لبث فيهم إلا وقد تبين فضله واشتهر علمه ومجده، ونبل قدره وعظمت منزلته، وعرفت مكانته، وظهرت سيادته، فأقروا بفضله وأذعنوا

لعلمه، فساد جميع أقرانه وفاق أهل زمانه حتى سمي " عالم المدينة وإمام دار الهجرة " واشتهر خبره في الأمصار، وانتشر ذكره وعلمه

<<  <  ج: ص:  >  >>