بها إلا لمن عرف معناها وإلا كانت من الكنايات الخفية، فلا نجد أحداً اليوم يطلق امرأته بخلية ولا برية. والحاصل أنه لا يحل للمفتي أن يفتي فيها بالطلاق حتى يعلم العرف في ذلك البلد اهـ. ومثله في الصاوي. ونقل عن القوافي أيضاً مثله. ونصه: لا يحل للمفتي أن يفتي في الطلاق بالحرام بما هو مسطور في الكتب عن مالك حتى يعلم أنه من أهل بلد ذلك العرف الذي يترتب عليه الفتيا، فإن كان بلداً آخر أفتاه باعتبار حال بلده، وقد غفل عن هذا كثير من الفقهاء فأفتوا بما للمتقدمين وقد زالت تلك العوائد فكانوا مخطئين خارقين للإجماع، فإن المفتي بالحكم المبني على مدرك بعد زوال مدركه خلاف الإجماع اهـ نقله المواق في شرحه للمختصر. وقد حرر ذلك العلامة الجزيري في الفقه بقوله: هذا ويشترط في وقوع الطلاق بهذه الألفاظ كلها أن يكون العرف جارياً على أن يطلق الناس بها. أما إذا كانوا لا يطلقون بهذه العبارات فإنها لا تكون كناية ظاهرة، بل تكون من الكنايات الخفية التي لا يقع بها إلا بالنية. ومثل هذه الألفاظ: حبلك على غاربك التي يقع بها الثلاث في المدخول بها وغيرها، فإنه إذا لم يكن عرف الناس جارياً على التطليق بها كما في زمننا فلا يقع بها طلاق إلا بالنية، فإذا نوى واحدة لزمته، وهكذا كما تقدم. وقد قال المحققون من المالكية: لا يحل للمفتي أن يفتي في الطلاق وغيره من الأحكام المبنية على العوائد والعرف كالمنافع في الإجارة والوصايا والنذور والأيمان إلا بعد أن يعلم عرف أهل البلد أو القبيلة في ذلك الأمر. وبهذا تعلم أن معظم الكنايات الظاهرة التي قال المالكية إنه يقع بها الثلاث في المدخول بها بدون نظر إلى نية هي من الكنايات الخفية في زمننا، لأنه لا يطلق بها أحد اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى:" ومحتملة كاذهبي، واعزبي، وآخرجي، وانصرفي، واعتدي، وألحقي بأهلك، فيقبل ما أراده " إن هذه الجملة معطوفة على قوله ثم صريحة