فالقول في جميع ذلك للصانع مع يمينه. قال في المدونة: أرأيت لو أن رجلاً دبغ جلداً لرجل، أو خاط ثوباً لرجل، أو صاغ حلياً لرجل، أو عمل قلنسوة لرجل، أو عمل بعض ما يعمل أهل الأسواق لرجل، فأتى رب الجلد والثوب والفضة والذهب وهذه الأشياء التي وصفت لك، فقالوا للعامل: إنما استودعناك هذه الأشياء ولم نستعملك، قال: القول قول العامل ولا يلتفت إلى قول أرباب تلك السلع في إنما استودعوها. وقال غيره العامل مدع، قلت: لابن القاسم: ولم جعل مالك القول قول الصانع؟ قال: لأنهم يأخذون ولا يشهدون، وهذا أمرهم فيما بينهم وبين الناس، فلو جاز هذا القول لهم لذهبوا بما يعملون له باطلاً فلا يكون القول قول رب المتاع. قال ابن القاسم: ولقد سألت مالكاً عما يدفع إلى الصناع ليعملوه فيقروا أنهم قد قبضوه وعملوه وردوه إلى أربابه بعد الفراغ منه والقبض له، قال مالك: إذا أقر أنه قد قبض المتاع فهو ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد رده. قال: ولو جاز هذا للصناع لذهبوا بمتاع الناس اهـ ونقل القاضي إبراهيم ابن فرحون عن مختصر الواضحة قال: وما أصاب الثياب عند القصار أو الصباغ أو الخياط من قرض الفأر أو لحس السوس فعرف ذلك وبين للناظر إليه فلا ضمان عليهم فيه، وإن ادعى صاحب الثياب أن الصانع أضاع الثوب وفرط حتى أصاب ذلك وزعم الصناع أنهم لم يفرطوا ولم يضيعوا فالقول قولهم، وعلى أصحاب الثياب البينة أنهم ضيعوا؛ لأن قرض الفأر أو لحس السوس أمر غالب، ولا يلزم أحداً دعوى التعدي إلا ببينة تشهد عليه. قال: فظل ابن القاسم يقول: القول قول أصحاب الثياب. وإن أشكل أنه قرض فأر فالصانع ضامن حتى تقوم البينة أنه قرض فأر أو لحس سوس وكله قول مالك اهـ تبصرة.
قال رحمه الله تعالى:" والأجرة كالثمن وتجوز عيناً ومنفعة، ويلزم بالفساد أجرة المثل " يعني أنه يشترط في الأجرة شروط كشروط الثمن؛ لأنها لا تصح إلا