ووكل أبا رافع في تزويج ميمونة، ووكل عمرو بن أمية الصمري في تزوُّج أم حبيبة.
قال الجزيري: فإن إجماع المسلمين عليها من غير أن يخالف فيها أحد من أئمتهم دليل على جوازها من غير نزاع اهـ. قال الدردير: الوكالة نيابة في حق غير مشروطة بموته ولا إمارة، كعقد، وفسخ، وأداء، واقتضاء، وعقوبة، وحوالة، وإبراء، وإن جهله الثلاث، وحج، أي وإن كان الحج مجهولاً من الثلاثة: الموكل والوكيل ومن عليه الحق، كأن يوكل إنساناً في إبراء ذمة من عليه حق من مال أو غيره، والإبراء هية وهي تجوز بالمجهول. ومما يقبل النيابة الوكالة في الحج، بأن يوكل من يحج عنه غير الفريضة. قال الصاوي: فتصح النيابة فيه وإن كان مكروهاً لقول خليل في باب الحج ومنع استنابة صحيح في فرض وإلا كُره.
ومما يقبل النيابة والوكالة تفريق الزكاة على مستحقها، ومثلها صدقة التطوع والهبة والوقف، وقبض الديون، واقتضاؤها، وإقباضها، ورد العواري والودائع والأمانات والمغصوبات وغير ذلك مما يقبل النيابة، فالوكالة في الجميع صحيحة لأن المقصود في هذه الأشياء إيصال الحقوق لأهلها إما بنفسه
أو بغيره فيتحصل المقصود بذلك، بخلاف ما لا يقبل النيابة فلا تصح منه الوكالة فيه قطعاً، وذلك كالدخول في الإسلام، والصلاة، والصيام، ولو نفلاً، والأيمان في الحقوق، والعقائد، ووطء الزوجة لأن مصلحة وطء الزوجة الإعفاف وتحصيل ولد ينسب إليه، وذلك لا يحصل بفعل غيره. ومما يلزم أكل ما يقيم به صلبه ويتقوى به بدنه ليتقوى على العبادة وغيرها، فإن ذلك يعين على القيام بالواجب وهو فرض من فروض العين، فواجب على الشخص أن يتولى جميع ذلك بنفسه بالمباشرة، فلا يكفيه فيها فعل غيره، لأنها - أي هذه الأشياء - لا تقبل النيابة اهـ. بتوضيح. قال ابن جزي في القوانين: وتجوز الوكالة في كل ما تصح النيابة فيه من الأمور المالية وغيرها والعبادات والقربات إلا العبادة المتعلقة بالأموال كالزكاة. واختلف في صحتها في الحج اهـ.