قال رحمه الله تعالى:" وله عزله إلا وكيل الخصومة بعد شروعه " يعني للموكل عزل وكيله متى شاء إلا إذا كان وكيل الخصومة بعد الشروع فيها فليس له عزله حينئذ. قال خليل: وليس له حينئذ عزله ولا له عزل نفسه اهـ. ومثله في المواق. قال ابن جزي: وإذا ابتدأ الوكيل الخصام في مجلس أو مجلسين لم يكن لموكله أن يعزله إلا بإذن خصمه. قال ابن رشد في المقدمات: المرتان كالثلاث على المشهور في المذهب. قال الدردير في أقرب المسالك: ولا يجوز أكثر من واحد في خصومة إلا برضا الخصم كأن قاعده ثلاثاً، أي ثلاثة مجالس ولو في يوم واحد فليس له عزل وكيله الأول لوكالة غيره، ولا يعزل الوكيل نفسه بعد ذلك لأن شأن الثلاثة مجالس انعقاد المقالات بينهما وظهور الحق وانعزال الوكيل حينئذ وتوكيل غيره يوجبه تجديد المنازعة وتطويلها إلا لعذر يقتضي ذلك من مرض أو سفر أو يمين، كأن يحلف الوكيل أن لا يخاصمه لكونه ألد الخصام فله حينئذ عزل نفسه، وللموكل أن يوكل غيره. وسيأتي عن المصنف أن الوكيل ينعزل بموت موكله أو بعزله إن علم الوكيل بذلك اهـ بتوضيح.
قال رحمه الله تعالى:" ولا يملك الإقرار والصلح والمبارأة إلا بإذنه " يعني أن وكيل الخصومة لا يصح له الإقرار، والصلح، والمبارأة إلا بإذن الموكل، فإن فعل لم يلزمه شيء من ذلك. قال الجزيري في الفقه نقلاً عن كتب المذهب: ولا يملك وكيل الخصومة الخاصة الإقرار عن موكله إلا إذا
نص عليه في عقد التوكيل، فإن أقر بشيء لم يلزم الموكل، ويكون الوكيل في هذه الحالة كشاهد. أما الوكيل وكالة مفوضة فإنه يملك الإقرار عن موكله.
ويشترط لنفاذ الإقرار على الموكل في الحالتين شروط بحيث لا يتعدى وكيل الخصومة الخاصة المنصوص فيها علىأن له الإقرار، ولا من الوكيل المفوض إلا إذا تحققت هذه الشروط: الأول أن يقر بشيء من معقول يناسب الدعوة، فلا يقر بشيء زائد عن المناسب. الثاني أن يقر بما هو من نوع الخصومة كأن يوكله في دين فيقر بأنه قبض بعضه أو أبرأه عن بعضه، أما إذا وكله بدين له عند خصمه فأقر له بأنه أتلف له وديعة