جميعها هل يكون إحياء لها لأنه لا يلزم من كون كل واحد من هذه لا يحصل به إحياء أن يكون مجموعها كذلك، لقوة الهيئة المجتمعة عن حالة الانفراد كما هو ظاهر كلامهم. ومقتضى ما في الحاشية (أي حاشية العدوي الخرشي) أن يكون إحياء اهـ.
قال رحمه الله تعالى:"وَلاَ يَحْفِرُ بِئْرًا حَيْثُ يَضُرُّ بِئْرَ غَيْرِهِ، وَيُعْتَبَرُ ذلِكَ بِشِدَّةِ الأأرْضِ وَرَخَوَتِهَا، فإن حَفررَ في ملْكِهِ فَلَهُ مَنْعُ مَائِهَا وَبَيْعُهُ إلاَّ بِئْرَ الزَّرْع فَعَلَيْهِ بَذْلُ فَضْلِهَا لجارِهِ الزَّارع عَلَى ماءٍ مَا دَامَ مُتَشاغِلاً بإصْلاَح بِئْرِهِ" هذا شروع في مَنْع إحداث ما يَضُرُّ بالجار أو الشريك. قال مالك في الموطَّأ بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ضَرَرَ ولا ضِرار". ولذا قال في الرسالة: فلا يفعل ما يَضُرُّ بِجَاره من فَتْحِ كَوَّو ة قريبة يكشف جارَه منها، أو فَتْحِ بابٍ قبالة بابه أو حَفْرِ ما يَضُرُّ بِجَاره في حَفْرِه وإن ك ان في مِلْكِه. قال شارحَها كحَفْر بئر ملتصقة بِجَاره، أو حاصل لمرحاضه قال خليل: وقضى بِمَنْعِ داخانٍ كحمَّام، أو رائحة كدباغ، وأندر قبل
بيت، ومضر بجدار واصطبل أو حانوت قبالة باب. واختُلِفَ في إحداث ما يحطُّ من الثمن ولا يَضُرُّ بِجِدار كإحداث فرن بقرب فرن، أو حمَّام بقرب حمَّام فإنه لا يمنع الجار من إحداث شيئ من ذلك، واختُلِفَ البئر بقرب بئر الجار فبعضهم أجازها. وقال أشهب إن كان يلزم على حَفْرِها استفراغ مائها مُنِعَ وإلاَّ فلا اهـ النفراوي. قال ابن القاسم في المدوَّنة: إذا غارت بئر جداره بحَفْرِ بئر في داره لزم هَدْمُ بئر، وقد عَلِمْتَ فيه قول أشهب. انظر تفصيل ذلك في الفصل الثاني من الباب الخامس عشر في ابن جزي وأمَّا قوله فإن حَفَرَ في مِلْكِه إلخ قد ذكر ابن جزي في القوانين أن المياه تنقسم إلى أربعة أقسام: الأول: ماء خاص وهو الماء الممتلّك في الأرض الممتلكة كالبئر والعين فينتفع به صاحبه، وله أن يمنع غيره من الانتفاع به، وأن يبيعه، ويستحبُّ له أن يبذله بغير ثمن ولا يُجْبَر على ذلك إلاَّ أن يكون قوم اشتدَّ بهم العطش فخافوا الموت فيجب عليه سَقْيُهُم، فإن مَنَعَهُم،