فَلَهُم أن يقاتلوه على ذلك، وكذلك إن انهارت بئر جاره وله زَرْعٌ يخاف عليه التَّلَف فَعَلَيْه أن يبذل له فَضْلَ مائِه ما دام متشاغلاً بإصلاح بئره اهـ انظر باقي الأقسام في الكتاب المذكور، وإلى ذلك أشار الشيخ خليل بقوله: ولذي مأجَل وبئرٍ ومرسالِ مطرٍ كماءٍ يملكه مَنْعُه وبَيْعُه إلاَّ مَنْ خِيفَ عليه، ولا ثمن معه، والأرجح بالثمن كفضل بئر زرع خِيفَ على زرع جاره بهدم بئره وأخذ يصلح وأُجْبِرَ عليه كفضل بئر ماشية بصحراء هدرًا إن لم يبيَّن المِلكية اهـ.
وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله:"وضفِي الصَّحْرَاءِ هُوَ أَحَقُّ بِكِفَايَتِهِ كالسّابِقِ إِلَى كلأٍ أَوْ حَطَبٍ" قال ابن جزير: القِسْم الرابع الآبار التي تحفر في البوادي لسَقْي المواشي، فَمَنْ حفرها يبدأ بالانتفاع بها ويأخذ الناس ما فضل لهم، وليس له أن يمنعهم من ذلك. قال وفي الكلأ وهو المرعى، فإ، كان في أرض غير ممتلَّكة فالناس فيه سواء، وإن كان في أرض متملَّكة فلصاحب الأرض الانتفاع به. واختُلِفَ هل يجوز له بَيْعُه ومَنْعُ الناس منه أم لا اهـ. وعن مالك بإسناده عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُمْنَعُ فَضْلُ الماء ليُمْنَعَ به الكلا". قال مالك: معنى ذلك في آبار الماشية التي في الفلوات، لأنه إذا مُنِعَ فَضْلُ المار لم يرع ذلك الكلأ الذي بذلك الوادي لعدم الماء، فصار مَنْعًا للكلأن وفي المدوَّنة: لا يُباع بئر الماشية ما حُفِرَ منها في جاهلية ولا إسلام وإن حُفِرَت في قرب أي قرب المنازل إذا كان إنَّما احتفر للصدقة.
قال أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي بعد كلام طويل: فتقرَّررمن هذا أن ما احتفره في أرضه فالظاهر أنه على المِلْك وإباحة البَيْع حتى يببيَّن أنها للصَّدَقة، وما احتفر في غير أرضه للماشية أو لشرب فقط ولم يحفرها لإحياء زرع أوغَرْس فالظاهر أنه احتفرها ليكون المقدَّم في منفعتها وللناس فَضْلُها؛ لأنه إنَّما يحفرها بحيث لا يُباع ماؤها ولا جرت به