العادة إلاَّ ببذلها، فإنَّما ينصرف عملهادون شرط إلى المعتاد من حالها، وعلى ذلك يحمل، وبهذا الحُكْمِ يُحْكَم لها اهز وقوله كالسابق تشبيه في كونه أحقَّ. يعني أن مَنْ سبق إلى شيئ مُباح يكون هو أحقَّ به نحو كلأ في الصحراء، ومثله حطب. قال الدردير: عاطفًا فيما يقضي به لِمَنْ سبق، وقضى للسابق كمسجد إلاَّ أن يعتاده غيره أي غير السابق فيُقْضى له بالجلوس لتعليم عِلْم أو إقراء أو فتوى، لِمَا في صحيح مسلم عنه صلى اللهعليهوسلم قال:"إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحقُّ به" اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى:"ولاَ يُحْدِثُ مَا يَضُرُّر بِجَارِهِ كَالْمَسْبَكِ وَالْحَمَّام وَنَحْو ذَلِكَ" يعين أن لا يجوز لشخص أن يحدث شيئًا يَضُرُّ بجاره كالمِسْبَكَة والحمام والمدبغة والمجزرة وغيرها ممّا يتأذى به الجار، لقوله عليهالصلاة والسلام:"مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره" وفي آخر: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُحْسِن إلى جاره" وفي آخر "والله لا يؤمن" كرَّرها ثلاث مرات، قيل" مَنْ يا رسول الله قال: "الذي لا يأمن جاره بوائقه" والمراد ببوائقه شرُّه. وفي الحديث أيضًا "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" وغير ذلك من الأحاديث الواردة في حقَّ الجار نسأل الله التوفيق في ذلك.
وحاصل ما في المقال كما ذكر ابن جزي في القوانين من أن مَنْ أحدث ضَرَرًا أمرَ بقطعه، ولا ضَرَرَ ولا ضَرار. وينقسم الضرَرُ المحدث قسمَيْن: أحدهما متفق عليه والآخر مختَلَفٌ فيه. فالمتفق عليه أنواع، فمِنْه فَتْحُ كوّة أو طاق يكشف منها على جاره فيؤْمَر بسدَّها أو سَتْرِها، ومنه أن يبني في داره فرنًا أو حمَّامًا أو كير حداد أو صائغ ممّا يَضُرُّ بجاره دخانه فيُمْنَعُ منه إلاَّ إن احتال في إزالة الدخان، ومنه أن يصرف ماءه على دار جاره أو على سقفه أو يجري في داره ماء فيَضُرُّ بحيطان جاره. وأمَّا المختَلَفُ فيه فمثل أن يعلّي بنيانًا يمنع جاره الضوء والشمس، فالمشهور أنه لا يُمْنَعُ منه، وقيل يُمْنَع. ومنه أن يبني بنيانًا يمنع الريح