للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومبايعتهم، وربما كان أحد الذين رحبوا بالسلطان الحفصي عند قيامه بالحملة التأديبية عاقدين عليه الأمل أن يعمل على طرد العدو من شواطئهم بعد أن يئسوا وتيقنوا من عجز أبي ثابت وسلبيته إزاء الأندلس بل حتى إزاء بلاده (١).

ويرى المهدي البوعبدلي أن الونشريسي لم يفارق بلاده إلا مكرهًا، وهو شيء متفق عليه، إلا أنه يضيف قائلًا: وذلك أن ملكها أبا عبد الله محمد بن أبي ثابت المتوكل على الله الذي اشتهر بتشجيعه للعلماء ورعايتهم؛ إذ في عهده (٨٦٦ - ٨٨٨ هـ) ظهرت تآليف قيمة. . (إلى أن يقول) ورغم ما اشتهر به فقد حاول إخضاع أحمد بن يحيى الونشريسي فصادر أمواله، واقتحم عليه داره فهدمها؛ وكان أمكنه التسلل منها فمر عليه الخطر بسلام حيث وصل إلى مدينة فاس (٢).

ولنستمع الآن إلى المؤلف نفسه يتكلم عن القصة بتلميح في مقدمة كتابه الذي نحن بصدد تحقيقه: أما بعد فإِني قد كنت وضعت في الجموع والفروق مجموعًا مطبوعًا وسميته بعدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق، ويستعان به على حل كثير من المناقضات الواقعة في المدونة وغيرها من أمهات الروايات. ثم إن بعض الهمج ممن له جرأة وتسلط على الأموال والمهج انتهبه في جملة الأسباب مني، وغاب به عني، فأدركني من ذلك غاية المشقة والحرج (٣).

ونخلص من هذا كله إلى أن المترجمين أجمعوا على أنه ترك تلمسان مكرهًا، وأنه حصلت له كائنة من جهة السلطان، فانتهبت داره ونجا بنفسه إلى فاس سنة ٨٧٤ هـ.

أما سبب هذه الكائنة فلم يذكرها هو، وسكت عنها المترجمون، رغم أن


(١) انظر القسم الدراسي من كتاب إيضاح المسالك طبعة الرباط ١٤٠٠ هـ ١٩٨٠ م ص ١٣.
(٢) المهدي البوعبدلي: الجوانب المجهولة من ترجمة حياة الإمام أحمد بن يحيى الونشريسي. مجلة الأصالة الجزائرية ملحق خاص بالملتقى الرابع عشر للفكر الإسلامي، شعبان رمضان ١٤٠٠ هـ يوليو- غسطس ١٩٨٠ م العدد ٨٣/ ٨٤.
(٣) مقدمة عدة البروق ص ٧٩.

<<  <   >  >>