الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأصلي وأسلم على أفضل الخلق سيد ولد آدم، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، وسار على نهجه إلى يوم الدين.
وبعد، فإِن الخزائن العامة والخاصة في كافة أنحاء العالم تزخر بكمية ضخمة من تراثنا الخالد، الذي ألفه سلف الأمة فكونوا لها به حضارة أصبحت مضرب الأمثال، في الوقت الذي كان فيه غيرهم يغط في نومه.
ثم انعكس الأمر، فاستيقظ النائمون وسرقوا ثمرة هذا التراث، حين أهمله قومه، فأصبحوا مكان النائمين. وفي هذا القرن بدأت بشائر الصحوة تلوح، وبدأت الأنظار تتجه نحو التراث لتسترشد به، فانقسم مثقفو المسلمين تجاهه ثلاثة أقسام:
بعضهم كفر به ورأى أن مجرد الحديث عنه يعتبر تضييعًا للوقت، أما تحقيقه ونشره فهو عين الرجعية والتخلف. وفريق يذهب إلى إحياء هذا التراث غثه وسمينه، ولا هدف له سوى ذلك. وفريق ثالث، وهو أعدلهم في رأيي، يرى أنه يلزم تحقيق ما يفيدنا في ديننا ودنيانا بعد تمحيصه، على أن نجعله أساسًا نبني عليه حضارتنا الإِسلامية الجديدة.
وعلى كل حال بدأ التحرك حثيثًا نحو تحقيق هذا التراث الذي فقد منه، في شرق الأرض وغربها، الكثير، ومع ذلك فقد بقي منه ما فيه خير وبركة.
ومع أني لا أنكر أن بعض البلاد الإِسلامية قد بذلت جهدها -وما زالت تبذل-