وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(١٤/ ٢١٠): لم يبلغ الأربعين، وحصَّل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار، وتفتن في الحديث والنحو والتصريف والفقه والتفسير والأصلين والتاريخ والقراءات، وله مجاميع وتعاليق مفيدة كثيرة، وكان حافظًا جيدًا لأسماء الرجال وطرق الحديث، عارفًا بالجرح والتعديل، بصيرًا بعلل الحديث، حسن الفهم له، جيد المذاكرة، صحيح الذهن، مستقيمًا على طريقة السلف واتباع الكتاب والسنة، مثابرًا على فعل الخيرات.
وقال العلاِّمة الصفدي في "أعيان العصر": الشيخ الإمام الفاضل المفن الذكي النحرير .. كان ذهنه صافيًا، وفكره بالمعضلات وافيًا، جيد المباحث، أطرب في نقله من المثاني والمثالث، صحيح الانتقاد، مليح الأخذ والإيراد، قد أتفن العربية، وغاص في لجتها على فوائدها ونكتها الأدبية، وتبحر في أسماء الرجال، وضيق على المزي فيها المجال، نزل أخيرًا عما بيده من المدارس، وعدها من الأطلال الدوارس؛ ليكون مفرغًا للإشغال، ويترك ما هو دون ويأخذ ما هو غال، ولو عمر لكان عجبًا في علومه ... ولكن اجتث يانعًا ولم يجد من الحمام مانعًا .. كان من أفراد الزمان، رأيته يواقف شيخنا جمال الدين المزي ويرد عليه في أسماء الرجال، واجتمعت به غير مرة، وكنت أسأله أسئلة أدبية وأسئلة عربية، فأجده فيها سيلًا يتحدر، ولو عاش لكان عجبًا.
وقال الصفدي في "الوافي بالوفيات"(٢/ ١٦٧): لو عُمِّر لكان يكون من أفراد الزمان، رأيته يواقف الشيخ جمال الدين المزي ويرد عليه في أسماء الرجال، واجتمعت به غير مرة، وكنت أسأله أسولة أدبيه وأسولة نحوية فأجده كأنه كان البارحة يراجعها؛ لاستحضاره ما يتعلق بذلك، وكان صافي الذهن، جيد البحث، صحيح النظر.