للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له" فأرسله، فقال عمر: أتشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك؟ فقال: نعم، أخبرني بذلك العدل الرضا. ولم يسم من أخبره؛ فاكتفى منه عمر بن عبد العزيز بذلك، وقبله وعمل به.

قالوا: وقد كان سعيد بن المسيب والحسن وغيرهما يرسلون الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إذا سُئلوا عن إسناده أسندوه إلى الثقات.

قالوا: وأيضًا فالأدلة الدالة على قبول خبر الواحد والعمل به لا تفرق بين المرسل والمسند، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (١).

قالوا: فدلت الآية على وجوب تبليغ ما أنزل الله من البينات والعمل به، والتابعي الثقة إذا قال: "قال رسول - صلى الله عليه وسلم -" فقد بين وترك الكتمان؛ فيلزم قبوله عملًا بالآية.

قالوا: وأيضًا فقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (٢). فدلت الآية على أن الطائفة من التابعين إذا رجعت إلى قومها فقالت: "أنذركم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحذركم مخالفته" لزمهم قبول خبرهم، كما دل على لزوم خبر الصحابي إذا قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وإن لم يسمعه منه.

قالوا: وأيضًا فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب" (٣)،


(١) سورة البقرة، الآية: ١٥٩.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٢.
(٣) رواه البخاري (١/ ٢٣٨ رقم ١٠٤)، ومسلم (٣/ ١٣٠٥ - ١٣٠٦ رقم ١٦٧٩) عن =

<<  <   >  >>