للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس بالصوم" (١) بنفس ظهور الإسلام منه، قبل أن يعرف شيئًا آخر من أحواله؛ لأنه لو كان قد عرف حاله قبل ذلك لما سأله عن الإسلام، فلما سأله أمسلم هو، كان في ذلك تنبيه ودلالة على أن إسلامه هو الموجب لقبول خبره.

قالوا: فأيضًا فهذا الوسطة الذي بين التابع وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا، يخلو من أحد أمور أربعة: إما أن يكون صحابيًّا، أو تابعيًّا ثقة، أو مجروحًا متهمًا، أو مجهولًا يُدرى حاله، فإن كان صاحبيًا أو تابعيًّا ثقة وجب قبول خبره، وإن كان مجروحًا متهمًا بالكذب وجب إطراح حديثه، لكن مثل هذا بعيد جدًّا في التابعي أن يكون بينه وبين الصحابي كذاب وهو لا يبين حاله، ويستجيز أن يشهد بقوله وروايته على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واحتمال أن يكون قد خفي حاله على التابعي مع كونه غير ثقة فيقطع بروايته على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير أن يثبت عنده صدقه وعدالته في غاية البعد، وكذلك إن كان مجهولا لا يُدرى حاله أصادق هو أم كاذب لا نظن بالتابعي الثقة أن يقطع


(١) رواه أبو داود (٢/ ٣٠٢ رقم ٢٣٤٠) والترمذي (٣/ ٧٤ رقم ٦٩١) والنسائي (٤/ ١٣١ - ١٣٢ رقم ٢١١١، ٢١١٢) وابن ماجه (١/ ٥٢٩ رقم ١٦٥٢) من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وصححه ابن خزيمة (٣/ ٢٠٨ رقم ١٩٢٣، ١٩٢٤) وابن حبان (٨/ ٢٢٩ - ٢٣٠ رقم ٣٤٤٦) والحاكم (١/ ٤٢٣).
ورواه أبو داود (٢/ ٣٠٢ رقم ٢٣٤١) من طريق سماك عن عكرمة مرسلاً، وقال أبو داود: رواه جماعة عن سماك، عن عكرمة مرسلًا.
وقال النسائي: المرسل أولى بالصواب. انظر "تحفة الأشراف" (٥/ ١٣٧ - ١٣٨) - و"كفاية المستقنع" (١/ ٣٩٨).
وقال الترمذي: وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك، عن عكرمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا.

<<  <   >  >>