للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله مع أنه مجهول الحال عنده، وإن كان هذا محتملاً فهو احتمال مرجوح في غاية البعد، ولا ريب أن الاحتمالين الأولين أغلب على الظن، وذلك كافٍ في الاحتجاج به.

قالوا: وأيضًا فلا يخلو التابعي إذا أرسل الحديث وحذف الواسطة من أحد أمور ثلاثة: إما أن يكون حذفها لأنه لو سماه لعرف جرحه وعدم أهليته للتحمل عنه، أو يكون حذفه لشهرته (١) في العدالة والثقة عنده فلم يكن بذكره حاجة، وهذ كما قيل في حذف الفاعل إذا كان معلومًا ولا فائدة في ذكره؛ فإنه يبنى الفعل للمفعول ويحذف الفاعل؛ كقوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} (٢) و {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (٣) وقوله: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (٤) وهو كثير، وهذا إما أن يكون لكثرة الوسائط والمخبرين، وإما أن يكون لأن ذلك المحذوف لا فرق عنده بين ذكره وحذفه في قبول روايته، أو يكون حذفه لعدم علمه به أو جهله بحاله من الثقة والجرح، فلا نظن به الأول؛ لأن ذلك غش فيه وتلبيس؛ وذلك يقدح في عدالته، ولا نظن به الثالث لذلك أيضًا؛ فتعين القسم الثاني، وذلك غير مبطل للاحتجاج بالمرسل.

قالوا: وأيضًا فلو لم يكن المرسل حجة لم يكن الخبر المعنعن حجة؛ لأن الراوي أيضًا أرسله بالعنعنة ولم يصرح بالسماع ممن فوقه، والاحتمال الذي ذكرتموه في المرسل بعينه قائم في الخبر المعنعن، وما هو جوابكم هو جوابنا


(١) مشتبهة في "الأصل" ولعلها كما أثبته، والله أعلم.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٣٧.
(٣) سورة النساء، الآية: ٢٨.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٢.

<<  <   >  >>