للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: وأيضًا فإذا وجب على المستفتي قبول ما يرسله المفتي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معنًى؛ بناءً على ظاهر علمه وعدالته، وجب على العالم قبول ما يرسله له الراوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظًا؛ بناءً على ظاهر عدالته وصدقه وأمانته.

قالوا: وأيضًا فالمرسل إن علم أن فيمن أرسل عنه قدحًا وجرحًا يمنع قبول روايته ولم يبينه فقد كتم ما يجب عليه بيانه، وذلك نوع خيانة، وإن لم يعلم منه ما يوجب رد روايته وجب عليه قبول خبره والعمل به بناءً على صحته عنده، فما لم يقم عند غيره دليل على خلاف ذلك وجب عليه المصير إلى قبول خبره؛ لأنه دليل ظاهر لا معارض له فكيف يجوز تعطيله.

قالوا: وأيضًا فهذا سعيد بن المسيب مع جلالته وعلو منزلته عند المسلمين حتى قال فيه الإمام أحمد (١): هو سيد المسلمين بإجماع المسلمين. أخذ الناس بروايته عن عمر حديثه وأحكامه، مع أن عامتها مراسيل -فإنه ولد لسنتين مضتا، وقيل: بقيتا- من خلافة عمر (٢) قال الإمام أحمد (٣): إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر، فمن يقبل؟ ! ولا يُعرف أحد من التابعين كان يقول لسعيد بن المسيب إذا روى عن عمر من حدثك به عن عمر؟ بل كان عبد الله بن عمر يرسل إليه يسأله عن قضايا عمر وأحكامه، ولم يختلف


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وفي "تهذيب الكمال" (١١/ ٧٣): وقال عثمان الحارثي النحاس: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفضل التابعين سعيد بن المسيب.
(٢) قال سعيد بن المسيب: "ولدت لستتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وكانت خلافته عشر سنين وأربعة أشهر". رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٥/ ١١٩ - ١٢٠) والامام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" (١/ ١٤٩ رقم ٤٨) بسند صحيح عنه.
(٣) في رواية أبي طالب، كما في "الجرح والتعديل" (٤/ ٦٠).

<<  <   >  >>