للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوجد في الشيعة، وأما أصحاب ابن مسعود فلم يُعرف فيهم كذاب قط، وكذلك أصحاب ابن عباس، وأصحاب معاذ بن جبل، وأصحاب زيد بن ثابت، وأصحاب أبي هريرة، وأصحاب ابن عمر، وهم معروفون عند الأئمة بالثقة والأمانة والنصيحة، ويكفي شهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بأنهم خير القرون بعد قرنه، وإخباره عن غيرهم بالكذب، وهذا أمر يعلمه كل من له ذوق في الأخبار وتمييزها وحال رواتها.

قالوا: وأيضًا فقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حدٍّ أو مجربًا عليه شهادة زور، أو ظنينًا في ولاء أو قرابة" (١). فاكتفى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بظاهر العدالة إلا من علم منه خلافها ولا ريب أن هذه الواسطة ظاهرة العدالة، فالأصل قبول خبره وشهادته حتى يثبت عليه ما يوجب ذلك، وهذا في عصر التابعين ظاهر جدًّا؛ لأنهم كانوا خير الخلق بعد الصحابة، وكان الخير فيهم أغلب من الشر، والعدله أكثر من المتهم؛ فالواجب حمل روايتهم وشهادتهم على الصحة ما لم يتبين خلافها.

قالوا: وأيضًا فالإرسال حكم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان الراوي من أهل العدالة والإتقان والأمانة وقد حكم بهذا الحديث وجب قبول حكمه كما لو حكم بصحة الحديث أو بضعفه أو بجرح الراوي، فالفرق بين الحكم وبين الرواية المحضة ظاهر، فالمرسل حاكم، وأي فرق بين قوله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبين قوله هذا الحديث صحيح.


(١) جزء من رسالة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، وستأتي الإشارة إلى بعض طرقها، إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>