للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخنا: فواتح السور تناسب خواتمها، وذلك تنايسب مضمون كما أن "البقرة" افتتحت بذكر الكتاب وأنه هدًى للمتقين، وذكر في ذلك الإيمان بما أنزل إلينا وما أنزل على من قبلنا، ووُسطت بمثل ذلك، وختمت بمثل ذلك، قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ... } (١) إلى آخر السورة، وكان في "البقرة" مخاطبة لجميع الخلق حتى يدخل فيه من لم يؤمن بالرسل عمومًا، ومن أقر بهم خصوصًا، وللمؤمنين بالجميع خصوص الخصوص؛ ففيها خطاب الأصناف الثلاثة.

وأما "آل عمران" فالغالب عليها مخاطبة من أقر بالرسل من أهل الكتاب، ومخاطبة المؤمنين، فافتتحها سبحانه بذكر وحدانيته (ق ١٧ - أ) ردًّا


= فإن من الناس من يؤول اللامس بطالب المال؛ لكنه ضعيف، لكن لفظ "اللامس" قد يراد به من مسها بيده، وإن لم يطأها؛ فإن من النساء من يكون فيها تبرج، وإذا نظر إليها رجل أو وضع يده عليها لم تنفر عنه، ولا تمكنه من وطئها، ومثل هذه نكاحها مكروه، ولهذا أمره بفراقها, ولم يوجب ذلك عليه لما ذكر أنه يحبها؛ فإن هذه لم تزن، ولكنها مذنبة ببعض المقدمات، ولهذا قال: "لا ترد يد لامس" فجعل اللمس باليد فقط، ولفظ "اللمس والملامسة" إذا عُني بهما الجماع لا يخص باليد، بل إذا قُرن باليد فهو كقوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}.
وقال ابن القيم في روضة المحبين (ص ١٢٩) بعد ما ذكر القولين الأولين: وعندي أن له وجهًا غير هذا كله؛ فإن الرجل لم يشك من المرأة أنها تزني بكل من أراد ذلك منها، ولو سأل عن ذلك لما أقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يقيم مع بغي؛ ويكون زوج بغي ديوثًا، وإنما شكا إليه أنها لا تجذب نفسها ممن لاعبها، ووضع يده عليها، أو جذب ثوبها، ونحو ذلك، فإن من النساء من تلين عند الحديث واللعب ونحوه، وهي حصان عفيفة إذا أُريد منها الزنى، وهذا كان عادة كثير من نساء العرب ولا يعدون ذلك عيبًا، بل كانوا في الجاهلية يرون للزوج النصف الأسفل وللعشيق النصف الأعلى.
فللحب ما ضمت عليه نقابها ... وللبعل ما ضمت عليه المآزر
(١) سورة البقرة، الآيتان: ٢٨٥، ٢٨٦.

<<  <   >  >>