للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الخطأ والنسيان؛ ولأنه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (١) فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمر وعماراً لما أجنبا - فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ (٢) - أن يعيد واحد منهما (٣)، وكذلك لم يأمر (ق ٣١ - أ) أبا ذر لما كان يجنب ويمكث {أيامًا} (٤) لا يصلي (٥)، وكذلك لم يأمر من أكل من الصّحابة حتى يتبين الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء (٦)، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء.

ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان:

أحدهما: لا إعادة عليها، كما نُقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني أستحاض حيضة شديدة منكرة منعتني الصلاة والصيام" (٧) {أمرها} (٤) بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء الماضي.


(١) سورة الإسراء، الآية: ١٥.
(٢) بعدها في "الأصل" بياض، وكتب الناسخ قبالتها في الحاشية: "كذا بياض في الأصل" قلت: الكلام متصل في "مجموع الفتاوى" لا سقط فيه، والله أعلم.
(٣) رواه البخاري (١/ ٥٢٨ رقم ٣٣٨)، ومسلم (١/ ٢٨٠ - ٢٨١ رقم ٣٦٨) عن عمار بن ياسر - رضي الله عنهما.
(٤) من "مجموع الفتاوى".
(٥) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - وتقدم (ص ٩٥).
(٦) رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد وعدي بن حاتم الطائي - رضي الله عنهما - وتقدم (ص ٩٦).
(٧) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن حمنة بنت جحش - رضي الله عنه - وصححه الإمام أحمد والترمذي، وحسنه البخاري. وتقدم (ص ٩٥).

<<  <   >  >>