وأوائل خيلهم، وفي أجنادنا رجل كردي يقال له ميكائيل وقد جاء في أوائل خيلهم منهزماً وخلفه فارس إفرنجي قد لزه. وللكردي بين يديه ضجيج وصياح عال فلقيته، فمال عن ذلك الكردي وزل عن طريقي وقصد خيل لنا في جماعة على الماء واقفين مما يلينا، وأنا خلفه أجهد أن يلحقه حصاني فأطعنه فلا يلحقه، ولا الإفرنجي يلتفت إلي إلا يريد تلك الخيل المجتمعة إلى أن وصل إلى خيلنا وأنا تابعه، فطعن أصحابي حصانه طعنة أوثقته وأصحابه في أثره في جمع ما لنا بهم قوة. فرجع الفارس وحصانه في أخر رمقه فردهم جميعهم وعاد وهم معه. وكان الفارس ابن ميمون صاحب إنطاكية وهو صبي قد امتلأ قلبه من الرعب، ولو ترك أصحابه هزمونا إلى أن يدخلونا المدينة.
[قصة بريكة]
كل ذلك وأمة عجوز يقال لها بريكة مملوكة لرجل كردي من أصحابنا يقال له علي بن محبوب واقفه بين الخيل على شط النهر وفي يدها شربة تسقي بها وتسقي الناس، وأكثر أصحابنا الذين كانوا على الشرف لما رأوا الإفرنج مقبلين في ذلك الجمع إندفعوا نحو المدينة وتلك الشيطانه واقفة لا يروعها ذلك الأمر العظيم. وأنا ذاكر شيئاً من أمر هذه بريكة، وإن لم يكن موضعه، لكن الحديث شجون.