وكان من طريف ما جرى ذلك اليوم ان عباسا لما أراد الدخول إلى المجلس وجد بابه قد قفل من داخل. وكان يتولى فتح المجلس وغلقه أستاذ شيخ يقال له أمين الملك، فاحتالوا في الباب حتى فتحوه ودخلوا فوجدوا ذلك الأستاذ خلف الباب وهو ميت وفي يده المفتاح.
[عباس يقمع الثورة]
وأما الفتنة التي جرت بمصر ونصر فيها عباس على جند مصر فانه لما فعل بأولاد الحافظ رحمة الله ما فعل جفت عليه قلوب الناس واضمروا فيها العداوة والبغضاء وكاتب من في القصر من بنات الحافظ فارس المسلمين أبا الغارات طلائع بن رزبك رحمة الله يستصرخون بة! وحشد وخرج من ولايته يريد القاهرة، فأمر عباس فعمرت المراكب وحمل فيها الزاد والسلاح والخزانة وتقدم إلي العسكر بالركوب والمسير معه وذلك يوم الخميس العاشر من صفر سنه تسع وأربعين وأمر ابنه ناصر الدين بالمقام في القاهر، وقال لي " تقيم معه ".
فلما خرج من داره متواجها إلى لقاء ابن رزيك خامر عليه الجند وغلقوا أبواب القاهرة ووقع القتال بيننا وبينهم في الشوارع والأزقة. وخيالتهم تقاتلنا في الطريق، ورجالتهم يرمننا بالنشاب والحجارة من على السطوحات، والنساء والصبيان يرموننا بالحجارة من الطاقات. ودام بيننا وبينهم القتال من ضحى نهار إلى العصر. فاستظهر عليهم عباس وفتحوا أبواب القاهرة وانهزموا ولحقهم عباس إلى أرض مصر فقتل منهم من قتل وعاد إلى داره وأمره ونهيه.