وقد كان بين هذه الوقعات فترات شهدت فيها من الحروب مع الكفار والمسلمين ما لا احصيها، وسأورد من عجائب ما شاهدته ومارسته في الحروب ما يحضرني ذكره، وما النسيان بمستنكر لمن طال عليه ممر الأعوام وهو وراثة بني آدم من أبيهم عليه الصلاة والسلام.
[شرف الفارسجمعة]
فمن ذلك ما شهدته من أنفة الفرسان وحملهم نفوسهم على الأخطار، أننا كنا التقينا نحن وشهاب الدين محمود بن قراجا، صاحب حماه ذلك الوقت وكانت الحرب بيننا وبينه ما تغب، والمواكب واقفه والطراد بين المتسرعة، فجاءني رجل من أجنادنا وفرساننا المعدودين يقال له جمعه من بني نمير وهو يبكي، فقلت لهمالك يا أبا محمود؟ هذا وقت بكاء؟ قال طعنني سرهناك بن أبي منصور. قلتوإذا طعنك سرهنك أي شيء يكون؟ قالما يكون شيء إلا يطعنني سرهنك! والله إن الموت أسهل علي من أن يطعنني لكنه استغفلني واغتالني فجعلت أسكته واهون الأمر عليه، فرد رأس فرسه راجعاً. فقلتإلى أين يا أبا محمود؟ قالإلى سرهناك، والله لأطعنه أو لأموتن دونه. فغاب ساعة واشتغلت أنا بمن مقابلي، ثم عاد وهو يضحك فقلت ما