فأما ما كان في شيزر فكان مع الوالد رحمه الله، وكان مشغوفاً بالصيد لهجاً به ويجمع الجوارح، وما يستكثر ما يغرمه عليه لفرجته، فإنه كان نزهته فليس له شغل سوى الحرب وجهاد الأفرنج ونسخ كتاب الله عز وجل عند فراغه من أشغال أصحابه، وهو رحمه الله صائم الدهر مواظب على تلاوة القرآن. فكان الصيد كما جاء في الخبرروح القلوب تعي الذكر. فما رأيت قط مثل صيده وتربيته. وقد شاهدت صيد ملك الأمراء أتابك زنكي رحمه الله، وكان له جوارح كثيرة، فرأيته ونحن نسير على الأنهار فيتقدم البازدارية بالبزاة ترميها على الطيور الماء وتدق الطبول كجاري العادة فتتصيد منها ما تصيد وتخطئ ما تخطئ وورائهم الشواهين الكوهية على أيدي البازدارية. فإذا اصطادت البزاة وأخطأت أرسلوا الشواهين الكوهية على الطيور وقد أبعدت دشب خبز فتلحق وتصيد، وترسل على الحجل في طلوعها في سفح الجبل فتصيد، فإنها من سرعة الطيران على صفة عجيبة. وشاهدت يوماً ونحن في المغرقة بظاهر الموصل نسير في باذنجان وبين يدي أتابك بازيار على يد باشق، فطار ذكر دراج فارسله عليه