فيتسلمانهما، فإذا شداهما على الجنائب ركبت وأيقظت أصحابي تهممنا بالرحيل. فنزلنا ليله في تيه بني إسرائيل، فلما قمت جاء الغلام الذي معه البغل المجنوب أخذ الخرج وطرحه على وركي البغل ودار يريد يشده بالسموط، فزل البغل وخرج يركض وعليه الخرج، فركبت حصاني، وقد قدمه الركابي، وقلت لواحد من غلماني أركب أركب. وركضت خلف البغل فما لحقته وهو كأنه حمار وحش، وحصاني قد أعيي من الطريق ولحقني الغلام، فقلت اتبع البغل كذا فمضى وقال والله يا مولاي ما رأيت البغل، ولقيت هذا الخرج قد شلته. فقلت للخرج كنت أطلب، والبغل أهون مفقود. ورجعت إلى المنزلة وإذا البغل قد جاء يركض دخل في طوالة الخيل ووقف فكأنه ماكان قصده ألا تضييع أربعة آلاف دينار.
[مقابلة نور الدين]
ووصلنا في طريقنا إلى بصرى فوجدنا الملك العادل نور الدين رحمه الله على دمشق. وقد وصل إلى بصرى الأمير أسد الدين شيركوه رحمه الله فسرت معه إلى العسكر، فوصلته ليله الاثنين وأصبحت تحدثت مع نور الدين بما جئت به، فقال لي يا فلان، أهل دمشق أعداء والإفرنج أعداء، ما آمن منهما إذا دخلت بينهما. قلت له فتأذن لي أن أديون من محرومي الجند قوماً آخذهم وارجع، وتنفذ معي رجلاً من أصحابك في ثلاثين فارساً ليكون الاسم لك. قال افعل فديونت إلى الاثنين الآخر ثماني مائة وستين فارساً وأخذتهم