رحمه الله عالماً زاهداً ما رأيت ولا سمعت مثله، كان يصوم الدهر ولا يشرب الماء ولا يأكل خبزاً ولا شيئاً من الحبوب، إما يفطر على رمانتين أو عنقود عنب أو تفاحتين ويأكل في الشهر مرة أو مرتين لقيمات من لحم مقلي. فقلت له يوماً يا شيخ أبا عبد الله كيف وقع لك ان لا تأكل خبزاً ولا تشرب ماء وأنت صائم أبداً؟ قالصمت فطويت فوجدتني أقوى على ذلك، فطويت ثلثاً وقلتاجعل ما آكله كالميت التي تحل للمضطر بعد ثلث. فوجدتني أقوى على ذلك فتركت الأكل والشرب الماء فألفت النفس ذلك وسكنت إليه فاستمررت على ما أنا عليه. وكان بعض أكابر حصن كيفا قد عمل للشيخ زاوية في بستان جعله له فحضر عندي في شهر رمضان وقالقد جئت مودعاً. قلتوالزاوية التي قد أعدت والبستان؟ قاليا أخي ما لي حاجة فيهما ولا أقيم. وودعني ومضى رحمه الله، وذلك سنة سبعين وخمس مائة.
[وهو المعرة يشعر بموت آخر في مكة]
وحدثني الشيخ أبو القاسم خضر بن مسلم بن قسيم الحموي بحماة في التاريخ المتقدم ان رجلاً كان يعمل في بستان لمحمد بن مسعر رحمه الله أتى أهله وهم جلوس على أبواب دورهم بالمعرة فقالسمعت الساعة عجباً! قالواوما هو؟ قالمر بي رجل معه ركوة طلب مني فيها فأعطيته فجدد وضوءه، أعطيته خيارتين فأبا أن يأخذها. فقلتان هذا البستان نصفه لي بحق عملي، ولمحمد بن مسعر نصفه بالملك. فقال أحج العام؟ قلتنعم قالالبارحة