أما النمور فقتالها أصعب من قتال الأسد لخفتها وبعد ثباتها، وهي تدخل في الغارات والمحاجر كما تدخل الضباع، والأسد ما تكون إلى في الغابات والآجام وقد كان ظهر عندنا نمر في قرية يقال لها معرزوف من أعمال شيزر. فركب إليه عمي عز الدين رحمه الله وأرسل إلي فارساً وأنا راكب في شغل لي يقولألحقني إلى معرزوف، فلحقته وجئنا إلى الموضع الذي زعموا أن النمر فيه، فما رأينه وكان هنا جب، فنزلت عن حصاني ومعي قنطارية وجلست على فم الجب، وهو قصير نحو القامة وفي جانبه خرق كل حجر، فحركت القنطارية في ذلك في ذلك الخرق الذي في الجب فخرج النمر برأسه من ذلك الخرق ليأخذ القنطارية فلما علمنا انه في ذلك الموضع نزل معي بعض أصحابنا، وصار بعضنا يحرك ذلك الموضع بالرمح حتى قتلناه، وكان خلقة عظيمة، إلا أنه كان أكل من دواب القرية حتى عجز عن نفسه، وهو دون سائر الحيوان يقفز إلى فوق أربعين ذراعاً.
وقد كان في كنيسة حناك طاقة في ارتفاع أربعين ذراعاً، فكان يأتيها نمر في الهاجرة يثب إليها ينام فيها إلى أخر النهار ويثب منها ينزل ويمضي ومقطع حناك ذلك الوقت فارس إفرنجي يقال له سير أدم من شياطين الإفرنج فأخبروه خبر النمري فقال إذا رأيتموه أعلموني. فجاء النمر كعادته وثب على تلك الطاقة. فجاء بعض الفلاحين أخبر السير أدم، فلبس درعه وركب حصانه، وأخذ ترسه ورمحه وجاء إلى الكنيسة وهي خراب، وإنما هي حائط قائم فيه تلك الطاقة. فلما