قلت تفاوضنا يوما في ذكر القتال ومؤدبي الشيخ العالم ابو عبد الله محمد بن يوسف المعروف بابن المنيرة رحمه الله يسمع. فقلت لهيا أستاذ لو ركبت حصاناً ولبست كزاغندا وخوذة وتقلدت سيفاً وحملت رمحاً وترساً ووقفت عند مشهد العاصي موضع ضيق كان الإفرنج لعنهم الله يجتازون به مل كان يجوزك أحد منهم. قالبلى والله موكلكم قلتكانوا يهابونك ولا يعرفونك. قالسبحان الله! فأنا ما أعرف نفسي! ثم قال لي يا فلان ما يقاتل عاقل. قلت يا أستاذ تحكم على فلان وفلان وعددت له رجالاً من أصحابنا من شجعان الفرسان انهم مجانين! قالماذا قصدت إنما العقل لا يحضر وقت القتال. ولو حضرما كان لأنسان يلقي بوجهه السيوف وبصدره الرماح والسهام، ما هذا شيء يقضي به العقل. وكان رحمه الله بالعلم أخبر مما هو بالحبر، فأن العقل هو الذي يحمل على الأقدام على السيوف والرماح والسهام انفه من موقف الجبان وسوء الاحوثة. ودليل ذلك ان الشجاع يلحقه الزمع والرعدة وتغير اللون قبل دخوله في الحرب لما يفكر قيه وتحدث به نفسه مما يريد يعمله ويباشره من الخطر، والنفس ترتاع لذلك وتكرهه، فإذا دخل في الحرب وخاض غمارها ذهب عنه ذلك الزمع والرعدة وتغير اللون. وكل أمر لا يحضره العقل يظهر فيه الخطأ والزلل.