ذلك لما رموه في الماء ان يغوص فلما قدر. فوجب عليه حكمهم لعنهم الله فكحلوه. ثم ان رجل وصل إلى دمشق فاجرى له الأمير معين الدين رحمه الله ما يحتاجه. وقال لبعض غلمانهتمضي به إلى البرهان الدين البلخي رحمه الله تقول لهتأمر من يقرئ القرآن وشيئاً من الفقه. فقال له ذلك الأعمىالنصر والغلب! ما كان هذا ظني! قالما ظننت بي! قالتعطيني الحصان والبغلة والسلاح وتجعلني فارساً قالما اعتقدت ان أعمى يصير من الفرسان.
[ولحم الخنزير]
ومن الإفرنج قوم قد تبلدوا وعاشروا المسلمين فهم أصلح من القريب العهد ببلادهم، ولكنهم شاذ لا يقاس عليه. فمن ذلك أنني نفذت صاحباً إلى إنطاكية في شغل، وكان بها الرئيس نادرس بن الصفي وبيني وبينه صداقة، وهو نافذ الحكم في إنطاكية. فقال أصحابي يوماًقد دعاني صديق لي من الإفرنج، تجيء معي تراى زيهم قالفمضيت معه فجئنا إلى دار فارس من الفرسان العتق الذين خرجوا في أول خروج الإفرنج، وقد اعتقى من الديوان والخدمة، وله بإنطاكية ملك يعيش منه، فأحضر مائدة حسنة وطعاماً في غاية النظافة والجودة، ورآني متوقفاً عن الأكل فقالكل طيب النفس، فأنا ما أكل من طعام الأفرنج ولي طباخات مصريات لا أكل إلى من طبخهن، ولا أدخل داري لحم خنزير. فأكلت وأنا محترز وانصرفنا. فأنا بعد مجتازاً في السوق وامرأة إفرنجية تعلقت بي وهي تبربر بلسانهم وما أدري ما تقول. فاجتمع علي خلق من الأفرنج فأيقنت من الهلاك. وإذا ذلك الفارس قد أقبل فرآني، فجاء فقال لتلك المرأة