وفيها زرع مخصب، فضربوا خيامهم في ذلك الزرع، وخرج من شيزر جماعة من الحرامية يدورون بعسكر الفرنج يسرقون منه، فرأوا الخيام بالزرع، فأصبح بعضهم أخبر صاحب حماة وقالالليلة أحرق عسكر الإفرنج كله. قالإن فعلت خلعت عليك. فلما أمسى خرج ومعه نفر على رأيه. قالطرحوا النار غربي الخيام في الزرع لتسوقها الرياح إلى خيامهم، فصار الليل بضوء النار كالنهار، فرآهم الإفرنج فقصدوهم فقتلوا أكثرهم، وما نجى منهم إلا من رمى نفسه بالماء وسبح إلى الجانب الأخر، فهذه أثار الجهل وعواقبه. ورأيت مثل ذلك، وإن لم يكن بالحرب، وقد عسكر الإفرنج على بانياس في جمع كثير ومعه البطرك، وقد ضرب خيمة كبيرة جعلها كنيسة يصلون فيها يتولى خدمتها شيخ شماس منهم وقد فرش أرضها بالحلفاء والحشيش لتحترق البراغيث، فطرح فيه النار وقد يبس، فارتفعت ألسنتها وعلقت بالخيمة فتركتها رماداً فهذا لم يحضره العقل.
[حاضر الذهن تحت الأسد]
وضده أننا ركبنا في بعض الأيام من شيزر إلى الصيد وعمي رحمه الله معنا وجماعة من العسكر، فخرج علينا السبع من قصباء دخلناها لصيد الدراج. فحمل عليه رجل كردي يقال له زهر الدولة بختيار القبرصي سمي بذلك للطف خلقته وكان رحمه الله من فرسان المسلمين فستقبله السبع فحاص به الحصان فرماه، وجاء السبع وهو ملقى، فرفع رجله فتلقمها السبع وبادرناه فقتلنا السبع