مرض فيصف له الطبيب الفصاد، فإذا حضر الفصاد تغير لونه وأرتعد، فإذا فصده غشي عليه فلا يزال في غشيه حتى يشد فصاده ثم يفيق. ومما يضاد ذلك انه كان في أصحابنا من بني كنانة رجل أسود يقال له عي ابن فرج طلعت في رجله حبة فتخبثت وتناثرت أصابعه وانتنت رجله فقال له الجراحيما لرجلك إلا القطع وإلا تلفت. فحصل عنده منشاراً وجعل ينشر ساقه حتى يغلبه فيض الدم ويغشى عليه، فإذا هو أفاق عاد نشرها حتى قطعها من نصف ساقه وداوها فبرأت. وكان رحمه الله من أجلد الرجال وأقواهم، فكان يركب في سرجه بركاب واحد، وفي الجانب الأخر سير تكون فيه ركبته، ويحضر القتال ويطاعن الإفرنج وهو في تلك الحال، وكنت أراه رحمه الله لا يستطيع رجل يشابكه ولايقابضه، وكان خفيف الروح مع قوته وشجاعته. فأصبح يوماً من الأيام وهو وبنو كنانة يسكنون حصننا حصن الجسر، أرسل إلى رجال من وجوه بني كنانة فقالاليوم يوم مطير وعندي فضلة نبيذ ومأكول تتفضلون علي بالحضور لنشرب. فاجتمعوا عنده فجلس في باب البيت وقالهل فيكم من يخرج من الباب إن لم أشأ؟ يشير إلى قوته. قالوالا والله. قالهذا يوم مطير، وما أصبح في داري دقيق ولا خبز ولا نبيذ، وما فيكم إلا من في داره ما يحتاجه ليومه، أنفذوا إلى دوركم أحضروا طعامكم ونبيذكم، والبيت من عندي، ونجتمع اليوم نشرب ونتحدث. قالوا كلهمنعم ما رأيت