وكان امرني ان آخذ امرأته وأولاده خاتون بنت تاج الدولة تتش والعسكر وامضي أوصلهم إلى حصن مصياث وهو إذ ذاك له، وكان يشفق عليهم من حر شيزر، فركبت وركب أبي وعمي رحمهما الله معنا إلى بعض الطريق، وعاد وليس معهما إلى المماليك الصغار لجر الجنائب وحمل السلاح والعسكر كله معي. فلما قربا من المدينة سمعا طبل الجسر يضرب. فقالاشيء قد جرى في الجسر فدفعا خيلهما تناقلا ونحباً إلى الجسر. وكان بيننا وبين الإفرنج لعنهم الله هدنة. فنفذوا من كشف لهم مخاضة يعبرون منها إلى مدينة الجسر وهي في الجزيرة لا يعبر إليها إلا من الجسر معقود بالحجر والكلس لا يصل الإفرنج إليه، فدلهم ذلك الجاسوس على مخاضه، فركبوا جميعهم من افامية فأصبحوا إلى ذلك الموضع الذي دلهم عليه، عبروا الماء وملكوا المدينة ونهبوا وسلبوا وقتلوا ونفذوا بعض السبي والنهب إلى افامية وملكوا الدور، وعلم كل واحد منهم صليبه على دار وركز عليه رايته. فلما اشرف ابي وعمي رحمهما الله على الحصن كبر أهل الحصن وصاحوا. فألقى الله سبحانه وتعالى على الإفرنج الرعب والخذلان فذهلوا على الموضع الذي عبروا منه ورموا خيلهم وهم بدروعهم عليها في غير مخاض، فغرق منهم جماعة كثيرة كان الفارس يغوص في الماء فيسقط عن سرجه ويرسب في الماء ويطلع الحصان. ومضى من سلم منهم منهزمين