ثم استقبلت خيلهم المتتابعة فولوا أنا غر من القتال ما حضرت قتالا قبل ذلك اليوم وتحتي فرس مثل الطير ألحق أعقابهم لأطعن فيهم ثم اجتن عنهم. وفي أخرهم فارس على حصان ادهم مثل الجمل بالدرع ولأمه الحرب وأنا خائف منه لا يكون جذاباً لي ليعود علي، حتى رأيته ضرب حصانه بمهمازه فلوح بذنبه فعلت انه قد اعيا، فحملت عليه طعنته فنفذ الرمح من قدامه نحواً من ذراع، وخرجت من السرج لخفة جسمي وقوة الطعنه وسرعة الفرس، ثم تراجعت وجذبت رمحي وأنا أظن أنى قتلته، فجمعت أصحابي وهم سالمون. وكان معي مملوك صغير يجر فرساً لي دهماء مجنوبة وتحته بغلة مليحة سروجية وعليها مركوب صقيل فضة، فنزل عن البغلة وسيبها وركب الحجرة فطارت به إلى شيزر، فلما عدت إلى أصحابي وقد مسكوا البغله سألت عن الغلام فقالوا راح. فعلمت انه يصل شيزر ويشغل قلب الوالد رحمه الله، فدعوت رجلاًمن الجند وقلتتسرع إلى شيزر تعرف والدي بما جرى. وكان الغلام لما وصل أحضره الوالد بين يديه وقالأي شيء لقيتم؟ قاليا مولاي خرج الإفرنج في ألف، وما أظن أحد يسلم إلا مولاي قالكيف يسلم مولاك دون الناس؟ رأيته قد لبس وركب الخضراء هو يحدثه، وذلك الفارس قد وصله وأخبره باليقين ووصلت بعده فاستخبرني رحمه الله. فقلت يا مولاي كان أول قتال حضرته، فلما رأيت الإفرنج قد وصلوا إلى الناس هان علي الموت فرجعت إلى الإفرنج لأقتل أو أحمي ذلك العالم فقال رحمه الله متمثلاً
يفر جبان القوم عن أم رأسه ... ويحمي شجاع القوم من لا يلازمه
ووصل عمي رحمه الله من عند نجم الدين ايلغازي رحمه الله بعد أيام فأتاني رسوله يستدعيني في وقت ما جرت عادته فيه، فجئته