للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا رَاجِعٌ إِلَيْهِمَا:

فَإِنْ كَانَ وَارِدًا مِنَ السُّنَّةِ، فَمُعْظَمُ نَقْلِ السُّنَّةِ بِالْآحَادِ، بَلْ قَدْ أَعْوَزَ أَنْ يُوجَدَ حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاتِرًا.

وَإِنْ كَانَ وَارِدًا مِنَ الْكِتَابِ، فَإِنَّمَا تُبَيِّنُهُ السُّنَّةُ، فَكُلُّ مَا لَمْ يُبَيَّنْ فِي الْقُرْآنِ; فَلَا بُدَّ لِمُطَّرِحِ نَقْلِ الْآحَادِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ رَأْيَهُ [فِيهِ]، وَهُوَ الِابْتِدَاعُ بِعَيْنِهِ، فَيَكُونُ [كُلُّ] فَرْعٍ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ بِدْعَةً لَا سُنَّةً، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ شَيْءٌ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».

وَكَمَا إِذَا كَانَتِ الْبِدْعَةُ الَّتِي يَنْبَنِي عَلَيْهَا كُلُّ عَمَلٍ، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْأَعْمَالَ إِنَّمَا تَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الْأَوْلِيَاءِ الْمُكَاشَفِينَ بِحَقَائِقِ التَّوْحِيدِ، فَأَمَّا مَنْ رُفِعَ لَهُ الْحِجَابُ وَكُوشِفَ بِحَقِيقَةِ مَا هُنَالِكَ، فَقَدِ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ عَنْهُ، بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَصْلٍ هُوَ كُفْرٌ صَرِيحٌ لَا يَلِيقُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ذِكْرُهُ.

أَمْثِلَةُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمَارِقِينَ مِنْ إِنْكَارِ الْعَمَلِ بِالْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ جَاءَتْ تَوَاتُرًا أَوْ آحَادًا وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ.

وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا أَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ أَمْرِي فِيمَا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي! مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ»! حَدِيثٌ حَسَنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>