للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا وَإِنْ كَانَ زَعْمُهُ شُبْهَةً عَرَضَتْ فَقَدْ شَهِدَ الشَّرْعُ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِلْهَوَى. وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَقْرِيرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي تَقْرِيرٌ لِجُمْلَةٍ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي تُعَظِّمُ أَمْرَ الْبِدَعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَذَلِكَ مَرَّ فِي آخِرِ الْبَابِ أَيْضًا أُمُورٌ ظَاهِرَةٌ فِي بُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ كَرَاهِيَةِ التَّنْزِيهِ فَرَاجِعْهَا هُنَالِكَ يَتَبَيَّنْ لَكَ مِصْدَاقَ مَا أُشِيرَ إِلَيْهِ هَاهُنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ مِنَ الْأَعْمَالِ وَبَيْنَ أَدْنَى الْبِدَعِ بَعِيدُ الْمُلْتَمَسِ.

[فَصْلٌ هَلْ فِي الْبِدَعِ صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ]

إِذَا ثَبَتَ هَذَا انْتَقَلْنَا مِنْهُ إِلَى مَعْنًى آخَرَ: وَهُوَ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَنْقَسِمُ فِي الشَّرْعِ إِلَى مَا هُوَ صَغِيرَةٌ وَإِلَى مَا هُوَ كَبِيرَةٌ ـ حَسْبَمَا تَبَيَّنَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ الدِّينِيَّةِ ـ فَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ: إِنَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ اعْتِبَارًا بِتَفَاوُتِ دَرَجَاتِهَا ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعَاصِيَ تَنْقَسِمُ إِلَى الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ. وَلَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَوْجُهٍ وَجَمِيعُ مَا قَالُوهُ لَعَلَّهُ لَا يُوفِي بِذَلِكَ الْمَقْصُودِ عَلَى الْكَمَالِ فَلْنَتْرُكِ التَّفْرِيعَ عَلَيْهِ.

وَأَقْرَبُ وَجْهٍ يُلْتَمَسُ لِهَذَا الْمَطْلَبِ مَا تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ الْمُوَافِقَاتِ أَنَّ الْكَبَائِرَ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْإِخْلَالِ بِالضَّرُورِيَّاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ. وَهِيَ الدِّينُ وَالنَّفْسُ وَالنَّسْلُ وَالْعَقْلُ وَالْمَالُ، وَكُلُّ مَا نُصَّ عَلَيْهِ رَاجِعٌ إِلَيْهَا، وَمَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ جَرَتْ فِي الِاعْتِبَارِ وَالنَّظَرِ مَجْرَاهَا، وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>