للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفْرِدُ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ أَذَانِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ النِّدَاءَ عِنْدَ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ: ثُمَّ ـ قَالَ ـ وَقِيلَ: إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ فِي أَذَانِهِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ. لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ زَادَهَا فِي الْأَذَانِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ مِنَ الشِّيعَةِ. وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ مَنْ سَمِعَ التَّثْوِيبَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ عَنْهُ، كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ، الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّثْوِيبُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَالِكٌ: إِنَّهُ ضَلَالٌ، وَالْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى التَّشْدِيدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ أَنْ تَكُونَ فِي مَوَاضِعِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا السُّنَنُ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْمَشْرُوعَاتِ أَشَدَّ الْمُحَافَظَةِ، لِأَنَّهَا إِذَا أُقِيمَتْ هُنَالِكَ أَخَذَهَا النَّاسُ وَعَمِلُوا بِهَا، فَكَانَ وِزْرُ ذَلِكَ عَائِدًا عَلَى الْفَاعِلِ أَوَّلًا، فَيَكْثُرُ وِزْرُهُ وَيَعْظُمُ خَطَرُ بِدْعَتِهِ.

[أَنْ لَا يَسْتَصْغِرَ الْبِدْعَةَ وَلَا يَسْتَحْقِرَهَا]

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَسْتَصْغِرَهَا وَلَا يَسْتَحْقِرُهَا ـ وَإِنْ فَرَضْنَاهَا صَغِيرَةً ـ فَإِنَّ ذَلِكَ اسْتِهَانَةٌ بِهَا، وَالِاسْتِهَانَةُ بِالذَّنْبِ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِعِظَمِ مَا هُوَ صَغِيرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الذَّنْبَ لَهُ نَظَرَانِ: نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ رُتْبَتِهِ فِي الشَّرْطِ، وَنَظَرٌ مِنْ جِهَةِ مُخَالَفَةِ الرَّبِّ الْعَظِيمُ بِهِ، فَأَمَّا النَّظَرُ الْأَوَّلُ فَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ يُعَدُّ صَغِيرًا إِذَا فَهِمْنَا مِنَ الشَّرْعِ أَنَّهُ صَغِيرٌ، لِأَنَّا نَضَعُهُ حَيْثُ وَضَعَهُ الشَّرْعُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى اعْتِقَادِنَا فِي الْعَمَلِ بِهِ حَيْثُ نَسْتَحْرِمُ جِهَةَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِالْمُخَالَفَةِ، وَالَّذِي كَانَ يَجِبُ فِي حَقِّنَا أَنْ نَسْتَعْظِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>