للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّالِثُ ذَمُّ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ وَالرَّدُّ عَلَى شُبَهِ الْمُبْتَدِعَةِ]

[ذَمُّ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ عَامٌّ]

فِي أَنَّ ذَمَّ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ عَامٌّ لَا يَخُصُّ مُحْدَثَةً دُونَ غَيْرِهَا وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ جُمْلَةٌ مِنْ شُبَهِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا

فَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ حُجَّةٌ فِي عُمُومِ الذَّمِّ مِنْ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا جَاءَتْ مُطْلَقَةً عَامَّةً عَلَى كَثْرَتِهَا، لَمْ يَقَعْ فِيهَا اسْتِثْنَاءٌ أَلْبَتَّةَ، وَلَمْ يَأْتِ فِيهَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ مِنْهَا مَا هُوَ هُدًى، وَلَا جَاءَ فِيهَا: كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ إِلَّا كَذَا وَكَذَا، وَلَا شَيْءَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي.

فَلَوْ كَانَ هُنَالِكَ مُحْدَثَةٌ يَقْتَضِي النَّظَرُ الشَّرْعِيُّ فِيهَا الِاسْتِحْسَانَ أَوْ أَنَّهَا لَاحِقَةٌ بِالْمَشْرُوعَاتِ; لَذُكِرَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ، لَكِنَّهُ لَا يُوجَدُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ بِأَسْرِهَا عَلَى حَقِيقَةِ ظَاهِرِهَا مِنَ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي لَا يَتَخَلَّفُ عَنْ مُقْتَضَاهَا فَرْدٌ مِنَ الْأَفْرَادِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ الْعِلْمِيَّةِ أَنَّ كُلَّ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ أَوْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ كُلِّيٍّ، إِذَا تَكَرَّرَتْ فِي مَوَاضِيعَ كَثِيرَةٍ، وَأُتِيَ بِهَا شَوَاهِدُ عَلَى مَعَانٍ أُصُولِيَّةٍ أَوْ فُرُوعِيَّةٍ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا تَقْيِيدٌ وَلَا تَخْصِيصٌ، مَعَ تَكَرُّرِهَا وَإِعَادَةِ تَقَرُّرِهَا، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى مُقْتَضَى لَفْظِهَا مِنَ الْعُمُومِ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى - وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. . . .} [النجم: ١٨ - ٥٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>