قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي كَذَا. . . . "، فَمَا مَنَّا أَحَدٌ إِلَّا دَرَى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، وَأَشُدُّ الْأُمُورِ أَنْ يَكُونَ مَسَّ بِهَا فَرْجَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ؛ لَمَا طُلِبَ بِغَسْلِ يَدِهِ، فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِالْغَسْلِ وَلَا يَدْرِي هَلْ مَسَّ فَرْجَهُ أَمْ لَا؟!
وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مِنَ النَّمَطِ (الَّذِي) قَبْلَهُ، إِذِ النَّائِمُ قَدْ يَمَسُّ فَرْجَهُ فَيُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ نَجَاسَةٍ فِي الْمَحَلِّ لِعَدَمِ اسْتِنْجَاءٍ تَقَدَّمَ النَّوْمَ، أَوْ يَكُونُ اسْتَجْمَرَ فَوْقَ مَوْضِعِ الِاسْتِجْمَارِ، وَهُوَ لَوْ كَانَ يَقْظَانَ فَمَسَّ لَعَلِمَ بِالنَّجَاسَةِ إِذَا عَلِقَتْ بِيَدِهِ، فَيَغْسِلُهَا فِي الْإِنَاءِ؛ لِئَلَّا يُفْسِدَ الْمَاءَ، وَإِذَا أَمْكَنَ هَذَا؛ لَمْ يَتَوَجَّهْ الِاعْتِرَاضُ.
فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ رَاجِعٌ إِلَى إِسْقَاطِ الْأَحَادِيثِ بِالرَّأْيِ الْمَذْمُومِ الَّذِي تَقَدَّمَ الِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَاتِ.
[فَصْلٌ تَحْرِيفُ الْأَدِلَّةِ عَنْ مَوَاضِعِهَا]
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: تَحْرِيفُ الْأَدِلَّةِ عَنْ مَوَاضِعِهَا:
بِأَنْ يَرِدَ الدَّلِيلُ عَلَى مَنَاطٍ، فَيُصْرَفُ عَنْ ذَلِكَ الْمَنَاطِ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ؛ مُوهِمًا أَنَّ الْمَنَاطَيْنِ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنْ خَفِيَّاتِ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.
وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ، وَ [بِأَنَّهُ] يَذُمُّ تَحْرِيفَ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ؛ لَا يَلْجَأُ إِلَيْهِ صُرَاحًا؛ إِلَّا مَعَ اشْتِبَاهٍ يَعْرِضُ لَهُ، أَوْ جَهْلٍ يَصُدُّهُ عَنِ الْحَقِّ، مَعَ هَوَىً يَعْمِيهِ عَنْ أَخْذِ الدَّلِيلِ مَأْخَذَهُ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ السَّبَبِ مُبْتَدَعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute